للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الجواب عن هذا: أن الشافعي - رحمه الله - ما تعلَّق في إثبات الترتيب بالواو فقط؛ وإنما دليل الترتيب من النظر في معنى الآية على ما ذكرنا في الخلاف" (١).

• بيان الاستدراك:

استدرك السمعاني على جماعة من الشافعية في قولهم: إن معنى (الواو) للترتيب، ونسبة ذلك القول إلى الإمام الشافعي، بحجة قوله: من خالف الترتيب في أعضاء الوضوء المذكورة في الآية بعطف (الواو) لم يجز وضوؤه.

فذكر السمعاني: أن إطلاق هذه النسبة للشافعي لا تصح، وقول الشافعي في وجوب ترتيب أعضاء الوضوء ليس تعلقًا بمعنى (الواو) فقط؛ بل إن وجوب الترتيب في أعضاء الوضوء ثبت من جهة النظر؛ وهو أن الوضوء عبادة بدنية، ولُوحظ أن جميع العبادات البدنية المشتملة على أفعال مختلفة يُراعى فيها الترتيب؛ كالترتيب في أفعال الصلاة والحج.

فصار ظاهر معنى (الواو) في آية الوضوء للترتيب، فإيجاب الشافعي للترتيب من باب العمل بالظاهر؛ لأن الظاهر حجة.

وحمل الشافعي لـ (الواو) في هذا الموضوع على الترتيب لا يدل على إطلاق حمله (الواو) للترتيب؛ وإنما هو مقيد في آية الوضوء لدليل النظر.

• المثال الثاني:

قال الآمدي عند حديثه عن تعريف أصول الفقه باعتباره مركبًا إضافيًا: "اعلم أن قول القائل: (أصول الفقه) قول مُؤلف من مضاف وهو (الأصول)، ومضاف إليه وهو (الفقه)، ولن نعرف المضاف قبل معرفة المضاف إليه، فلا جرم أنه يجب تعريف معنى (الفقه) أولاً، ثم معنى (الأصول) ثانيًا" (٢).


(١) القواطع (١/ ٥٠، ٥٥).
(٢) الإحكام للآمدي (١/ ١٩).

<<  <   >  >>