للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف تقبلونه في إثبات الشرائع؟

قال أبو محمد: هذا السؤال لا يلزمنا؛ لأننا لا نقيس شريعة على شريعة، ولا نتعدى ما جاءت به النصوص وثبت في القرآن والسنن، فصح البرهان كما ذكرنا بقبول خبر الواحد في العبادات والشرائع .... " (١).

• المثال الثاني:

ذكر الباجي في مسألة (دلالة صيغة الأمر المطلقة) دليل الخصم القائلين بحمل الصيغة على الندب بقوله: "أما هم فاحتج من نصر قولهم بأن الندب أقل ما يجب صرف الأمر إليه ليكون أمرًا وقد علم أن الواجب هو ما لحق الوعيد والذم بتركه من حيث هو ترك له على وجه ما، وذلك لا يجب بنفس الأمر؛ وإنما يجب بمعنى يزيد على الأمر، فثبت أن الأمر بمجرده موضوع للندب دون الإيجاب".

فاستدرك عليهم بقوله: "والجواب: أن اللغة إنما تثبت بالنقل؛ لا بالنظر والاستدلال، وهذا استدلال وقياس فلا يثبت به اللغة". (٢)

• بيان الاستدراك:

استدرك الباجي على القائلين بحمل صيغة الأمر على الندب بأن استدلالهم مبني على قاعدة إثبات اللغة بالاستدلال والقياس، وهذا الاستدلال لا يلزم المالكية؛ لأنهم لا يجوزون إثبات اللغة بالقياس (٣).


(١) الإحكام لابن حزم (١/ ١٠٩).
(٢) إحكام الفصول (١/ ٢٠٥).
(٣) يُنظر: إحكام الفصول (١/ ٣٠٤)؛ لباب المحصول (٢/ ٤٦٦ - ٤٦٧)؛ مختصر ابن الحاجب (١/ ٢٥٨).

<<  <   >  >>