للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَقَصرَتْ الصّلَاةُ أمْ نَسيتَ يا رَسولَ اللهِ (١)؟ فقال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أصَدَقَ ذو اليَدَيْنِ؟ فقال الناس: نعم. فقَامَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فصَلَّى اثنَتَيْنِ أخْرَيَيْنِ، ثمَّ سلَّمَ، ثمَّ كبَّرَ فسَجَدَ مثْلَ سجُودِهِ أو أَطوَلَ" (٢).

• بيان الاستدراك:

سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - من ركعتين في هذه الصلاة الرباعية؛ لأنه كان يعتقد أن صلاته قد تمت، وكان جازمًا بذلك لم يدخله فيه شك، فلما استدرك عليه ذو اليدين بما قال؛ حصل لهُ شك حينئذ، ولما لم يوافق أحد من المصلين ذا اليدين على مقالته مع كثرتهم؛ حصل في قوله ريبة بانفراده بما أخبر به، فلما وافقه الباقون على قوله؛ رجع - صلى الله عليه وسلم - حينئذ إلى قولهم، وعمل به، وصلى ما تركه، وسجد للسهو. (٣)

سبب الاستدراك: سهو المستدرَك عليه؛ وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤).

نوع الاستدراك: استدراك تنبيه.


(١) حصر ذو اليدين فعله - صلى الله عليه وسلم - في الأمرين؛ لأن السبب إما من الله وهو القصر، أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو النسيان. يُنظر: تحفة الأحوذي (٢/ ٣٥٠).
(٢) الحديث في الصحيحين، يُنظر: صحيح البخاري واللفظ له، ك: الجماعة والإمامة، ب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟ ، (١/ ٢٥٢/ح ٦٨٢)، ك: السهو، ب: من لم يتشهد في سجدتي السهو، (١/ ٤١٢/ح: ١١٧٠)، ك: التمني، ب: ما جاء في إِجازَةِ خبرِ الواحد الصدوق ... ، (٦/ ٢٦٤٨/ح: ٦٨٢٣)؛ صحيح مسلم، ك: المساجد ومواضع الصلاة، ب: السهو في الصلاة والسجود له، (١/ ٤٠٣ - ٤٠٤ ح: ٥٧٣).
(٣) يُنظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (٤/ ٢٣٩).
(٤) قال الشوكاني في شرحه لحديث ذي اليدين: "وفِيهِ دلِيلٌ على جواز دخول السَّهو عليه - صلى الله عليه وسلم - في الأَحكَام الشَّرعية، وقد نقَل عيَاضٌ وَالنَّوَويُّ الْإجْمَاعَ على عدَمِ جوَازِ دخُولِ السَّهوِ في الأقوالِ التبليغيةِ، وخَصَّا الْخلاف بالأفعال. وقد تعُقِّبَا، قال الْحَافظُ: نعم اتّفَقَ من جوَّزَ ذلك على أنَّهُ لا يقِرُّ عليه؛ بل يقع له بيان ذلك إما متّصلًا بالفعلِ أو بعده كما وقع في هذا الحديث.
وفائدة جواز السَّهو في مثل ذلك: بيان الْحكم الشرعي إذا وقع مثله لغيره". يُنظر: نيل الأوطار (٣/ ١٣٣).

<<  <   >  >>