للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتمالات قوله: فالتعقيب على كلام الخصم في هذه الطريقة لا يكون على مجمل قوله، بل على احتمالات قوله.

أمثلة لاستدراكات استخدم فيها المنهج التحليلي:

• المثال الأول:

قال الطوفي في مسألة (إفادة التواتر للعلم): "وقولنا: (بشروط تذكر) أي: للتواتر شروط قد ذكرت في مسائله. (وفيه مسائل: الأولى: التواتر يفيد العلم) أي: يحصل العلم بالخبر المتواتر، (وخالف السُّمَنِيَّة (١)) والبَرَاهِمة (٢) أيضًا، أي: قالوا: لا يفيد العلم؛ بل الظن، (إذ حصروا) أي: إنما خالفوا في إفادة التواتر العلم؛ لأنهم حصروا (مدارك العلم في الحواس الخمس) أي: قالوا: لا سبيل إلى إدراك علم من العلوم إلا بإحدى الحواس الخمس: السمع، والبصر، والشمِّ، والذوق، واللمس ...

فنقول: هذا الحصر إما أن يكون معلومًا لكم، أو غير معلوم، فإن كان معلومًا لكم بطل قولكم: إن مدارك العلم محصورة في الحواس؛ لأن هذا علم قد حصلتموه من غير جهة الحواس، وإن لم يكن معلومًا لكان هذا الحصر على ظن؛ لكن الظن


(١) السُّمَنِيَّة: فرقة من أمصار الهند، منسوبة إلى صنم اسمه (سُومَنَات)، كسره فاتح الهند السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي (ت: ٤٢١ هـ). قالوا بقدم العالم، وبإبطال النظر والاستدلال، وزعموا أنه لا معلوم إلا من جهة الحواس الخمس، وأنكر أكثرهم المعاد والبعث بعد الموت. وقالوا بتناسخ الأرواح في الصور المختلفة، فأجازوا أن ينقل روح الإنسان إلى كلب، وروح الكلب إلى إنسان.

يُنظر: الفَرق بين الفِرق (ص: ٢٥٣)؛ فواتح الرحموت (٢/ ١٤٢)؛ المعجم الوسيط (ص: ٤٥٢)؛ دستور العلماء (٢/ ١٣٣).
(٢) البَراهِمة: قبيلة بالهند، من ولد برهمي- ملك من ملوكهم قديم -، ولهم علامة ينفردون بها؛ وهي خيوط ملونة بحمرة وصفرة يتقلدونها تقلد السيوف، وقد أنكروا النبوات، وحرموا لحوم الحيوان.
يُنظر: الفصل في الملل (١/ ٦٣)؛ الملل والنحل (٢/ ٢٥٠)؛ المعجم الوسيط (ص: ٥٣).

<<  <   >  >>