للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقع من ناحية العقول، ولا يجوز أن يفرق الله تعالى بين الخمر وسائر الأشربة في الحكم فيُحرم الخمر ويُبيح غيرها مع تساويها في الإسكار، والعقل يسوي بينهما، ولو كان ثبوته شرعًا لظهر، وليس في وجوب ذلك خبر.

وتحرير هذه الدلالة: أن العلم بوجوبه إذا لم يكن من ناحية المعقول ولا شرع ورد بذلك لم يجز القضاء به.

والجواب: أنَّا نَقْلِبُ هذا الدليل فنقول: لو كان القياس باطلاً لم يخلُ العلم ببطلانه من أن يكون ضرورةً أو استدلالاً، ولا يمكن ادعاء الضرورة؛ لما يعترينا في بطلانه من الشك، والعقول لا مجال لها في بطلانه.

ولأن نفاة القياس يجوزون أن يتعبد الله تعالى بإلحاق سائر الأشربة المسكرة بالخمر من طريق القياس، فلو بطل الحكم بالقياس لم يبطل إلا شرعًا، والشرع هو الخبر عن الله تعالى وعن رسوله، ولا خبر بذلك، فلم يجز الحكم ببطلانه" (١).

• المثال الثاني:

ذكر الباجي في مسألة (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أم لا؟ ) من أدلة القائلين على حمل الأمر على الفور فقال: "فإن قال قائل: إن الأمر إذا ورد فإنما يقتضي فعلاً واحدًا، والفعل الواحد لا يقع في زمانين، وقد أجمعت الأمة على أنه إن فعله في أول الوقت بَرِئت ذمته وأدى المأمور به، فيجب أن يكون ما بعده غير مأمور به.

قيل له: تقلب هذا السؤال وتقول: إذا فعله متراخيًا فقد أدى المأمور به، فيجب أن يكون المتقدم غير مأمور به، فإن لم يلزم هذا لم يلزم ما قلته" (٢).


(١) العدة في أصول الفقه (٤/ ١٣١٥ - ١٣١٦).
(٢) يُنظر: إحكام الفصول (١/ ٢١٨ - ٢١٩).

<<  <   >  >>