للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل على مذهبه بدليل من المعقول؛ وهو: "أنه لو وجب لوجب إما لفائدة أو لا لفائدة، والقسمان باطلان؛ فالقول بالوجوب باطل.

إنما قلنا: إنَّه لا يجوز أن يكون لفائدة لأن تلك الفائدة إما أن تكون عائدة إلى المشكور، أو إلى غيره.

والأول باطل؛ لأن الله تعالى منزه عن جلب المنافع, ودفع المضار.

والثاني باطل؛ لأن الفائدة العائدة إلى الغير إما جلب المنفعة، أو دفع المضرة ... ".

ثم ذكر استدراكًا من الخصم: "فإن قيل: لِمَ لا يجوزُ أن يقال: وجب الشكر لمجرد كونه شكرًا؟ وذلك لأن وجوب كل شيء لو كان لأجل شيء آخر؛ لزم التسلسل؛ فثبت أنه لا بد وأن ينتهي إلى ما يكون واجبًا لذاته.

وعندنا: الشكر واجب لنفس كونه شكرًا؛ كما أنَّ دفع الضرر عن النفس واجب لنفس كونه دفعًا للضرر؛ ولذلك فإن العقلاء يعلمون وجوبه عندما يعلمون كونه شكرًا للنعمة وإن لم يعلموا جهة أخرى من جهات الوجوب" (١).

فأجاب عن استدراكهم: "قولهم: لِمَ لا يجوز أن يجب لنفس كونه شكرًا؟

قلنا: قولنا: لو وجب الشكر لوجب إما لفائدة أولا لفائدة؛ تقسيم دائر بين النفي والاثبات، فلا يحتمل الثالث ألبتة" (٢).


(١) المحصول (١/ ١٥٠ - ١٥١).
(٢) المرجع السابق (١/ ١٥٣ - ١٥٤).

<<  <   >  >>