للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الثاني:

قال المرداوي: "القراءات السبع متواترة عند العلماء إذا تواترت عن قارئها. واحترزنا بذلك عما يحكى عن بعضهم آحادًا؛ فإن ذلك من الشاذ الآتي بيانه.

فالقراءات السبع متواترة عند الأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة من علماء السنة" (١).

ثم ذكر استدراكًا لإطلاق القول بأنها متواترة، فذكر قول ابن الحاجب وأبي شامة (٢) من علماء القراءات وفصل القول في المسألة، وهذا كله من علم القراءت، فقال: "قال ابن الحاجب ومن تبعه: (لا من قبيل صفة الأداء) (٣)، وقال أبو شامة وغيره: (ولا صفة الألفاظ المختلف فيها بين القراء) (٤)، وهو ظاهر كلام أحمد وجمع.

وهذا بيان وتقييد لما أطلقه الجمهور من تواتر القراءات السبع؛ فإنه ليس على إطلاقه؛ بل يستثنى منه ما قاله ابن الحاجب وغيره، وهو ما كان من قبيل صفة الأداء؛ كالمد (٥)، والإمالة (٦)، وتخفيف الهمزة (٧)، ونحوه.


(١) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٣/ ١٣٥٩).
(٢) هو: أبو القاسم، عبدالرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان المقدسي ثم الدمشقي، الشافعي، المقرئ النحوي الأصولي، ولي مشيخة الإقراء بالتربية الأشرفية، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، وكان متواضعًا، من مصنفاته: "شرح الشاطبية" و"اختصر تاريخ دمشق" مرتين، و"المحقق في علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول"، (ت: ٦٦٥ هـ) في رمضان.
تُنظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار (٢/ ٦٧٣)؛ فوات الوفيات (١/ ٦١٧)؛ طبقات الحفاظ (١/ ٥١٠).
(٣) يُنظر: مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٧٩).
(٤) لم أقف على قوله في كتابه إبراز المعاني من حرز الأماني.
(٥) المد: عبارة عن زيادة مَطٍّ في حرف المد على المد الطبيعي، وهو الذي لا تقوم ذات حرف المد دونه. يُنظر: النشر في القراءات العشر (١/ ٣١٣)؛ الإتقان في علوم القرآن (٢/ ٦١٦).
(٦) سيذكر تعريفها المرداوي.
(٧) تخفيف الهمز: أي تسهيل الهمز بينها وبين الحرف الذي من حركتها؛ وذلك لأن الهمز أثقل الحروف نطقًا، وأبعدها مخرجًا، فتنوع العرب في تخفيفها؛ ومن ذلك: إن كانت مضمومة سهلت بين الهمزة والواو، وإن كانت مفتوحة فبين الهمزة والألف، وأما إن كانت مكسورة فبين الهمزة والياء، وهذا يسمى إشمامًا. يُنظر: البرهان في علوم القرآن (١/ ٣٢٠)؛ الإتقان في علوم القرآن (٢/ ٦٢٧).

<<  <   >  >>