للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه قول آخر حكاه الزَّمَخْشَرِي ورجحه غيره: أن المتفقهين هم المقيمون؛ لينذروا النافرين إذا عادوا إليهم.

ووجه ذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إنزال الوعيد الشديد في حق المتخلِّفين عن غزوة تبوك (١) كان إذا بعث جيشًا أسرع المؤمنون عن آخرهم إلى النفير، وانقطعوا جميعًا عن استماع الوحي والتفقُّه في الدين، فأُمِروا أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة، ويقعد الباقون ليتفقهوا، وينذروا النافرين إذا رجعوا إليهم (٢). وعلى هذا فلا حجة؛ لأن الباقين كثيرون" (٣).

• المثال الرابع:

قال العلاء البخاري في (باب أهلية الإجماع): "وقوله (٤): (وقال بعضهم) وهم الزَّيْدِيَّةُ (٥)

والإمَامِيَّةُ (٦) من الروافض: لا يصح الإجماع إلا من عِتْرَةِ الرسول - عليه السلام -


(١) كانت في سن تسع من شهر رجب، وكانت آخر غزوة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يُنظر: البداية والنهاية (٥/ ٣، ٣٥).
(٢) يُنظر: الكشاف (٢/ ٣٠٩).
(٣) نهاية السول (٢/ ٦٨٧).
(٤) أي: البزدوي.
(٥) الزيدية: نسبة إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم -، ولد في سنة (٨٠ هـ) تقريبًا، قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبدالملك، دفعه إلى ذلك شيعة الكوفة، ثم تخلوا عنه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من أبي بكر وعمر؛ بل يترضى عنهما، فقاوم الجيش الأموي ومعه عدد قليل فقتل وذلك في سنة (١٢٢ هـ). وخرجت عن الزيدية فرق؛ وهم: الجارودية، السليمانية، البترية، النعيمية، اليعقوبية.

والزيدية المعاصرون يُقرون بخلافة أبي بكر وعمر ولا يلعنونهما كما تفعل فرق الشيعة الأخرى، فهي أكثر فرق الشيعة اعتدالاً، وتنتشر الآن في اليمن. يُنظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٦٥ - ٧٤)؛ الفرق بين الفرق (ص: ١٦، ٢٢ - ٢٥)؛ الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٧٦ ومابعدها)؛ الموسوعة الميسرة في الأديان (١/ ٧٦ - ٨٢).
(٦) الإمَامِيَّة: هم القائلون بإمامة علي - رضي الله عنه - بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - نصًّا ظاهرًا وتعيينًا صادقًا من غير تعريض بالوصف؛ بل إشارة إليه بالعين، وقالوا: ما كان في الدين والإسلام أمر أهم من تعيين الإمام. ظهرت هذه الفرقة سنة (٢٥٥ هـ)، ولهم أكثر من اسم؛ فيطلق عليهم الإثنا عشرية، لأنهم يعتقدون بإمامة الأئمة الاثني عشرة، ويطلق عليهم (الجعفرية)، نسبة إلى جعفر بن محمد الصادق الذي بنوا مذهبهم في الفروع على أقواله وآرائه كما يزعمون؛ وإلا فهو بريء من أكاذيب الشيعة، وهذا الاسم من أحب الأسماء إليهم، ويطلق عليهم اسم (الرافضة)، وهو اسم غير محبوب لديهم، وسموا به لرفضهم مناصرة زيد بن علي، أو لرفضهم الصحابة وإمامة الشيخين. ومن أفكارهم ومعتقداتهم غير القول بالإمامة: الرجعة، الغيبة، التقية، المتعة بالنساء، عيد غدير خم يوافق الثامن من ذي الحجة، ويوجد أكثرهم الآن في العراق وإيران والهند وباكستان. يُنظر: مقالات الإسلاميين (١/ ١٦)؛ الملل والنحل (١/ ١٦٢)؛ الموسوعة الميسرة في الأديان (١/ ٥١)؛ فرق معاصرة (١/ ٣٤٨).

<<  <   >  >>