للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من قال: هي على الندب. ومنهم من قال: على الوقف.

ثم ذكر دليل القائلين بأنه على الوجوب؛ وهو قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ} إلى قوله: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١)} [الأعراف: ١٥٨]، فأمر باتباعه، والأمر للوجوب. (٢)

ثم ذكر استدراكًا مقدرًا من الخصم - القائل بعدم حمله على الوجوب-: "فإن قيل: الاتباع هو: أن يفعل ذلك على وجه الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا لم يعلم الوجه الذي أوقع الفعل عليه من وجوب أو ندب أو إباحة؛ لم نكن متبعين له.

قيل: الاتباع يكون في الفعل وإن اختلف قصد التابع والمتبوع؛ كالمتنفل يأتم بالمفترض فيتبعه في صلاته وإن اختلفا في القصد والاعتقاد ... " (٣).

• المثال الثاني:

استدرك القاضي أبو يعلى على الحنفية (٤) في مسألة (القياس في الحدود والكفارات والمقدرات والأبدال) على دليلهم: "أن مقادير العقوبات على الأجرام بحسب ما يحصل بها من كفران النعمة، ومعلوم أن مقادير نعم الله تعالى على عباده لا يعلمها إلا الله تعالى، وكان الحد عقوبة مستحقة على الفعل، ولم يكن لنا سبيل إلى معرفة مقدار العقوبة على ذلك الفعل إلا من جهة التوقيف، لم يجز له إثبات الحد بالقياس.

الجواب: ... وعلى أنهم قد أثبتوا الحد بالقياس، وكذلك الكفارات، فقالوا: تجب


(١) ونص الآية: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَ‍آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨].
(٢) يُنظر: العدة في أصول الفقه (٣/ ٧٣٥ - ٧٣٨).
(٣) يُنظر: المرجع السابق (٣/ ٧٣٩).
(٤) يُنظر: الفصول في الأصول (٤/ ١٠٥ - ١٢٤)؛ أصول السرخسي (٢/ ١٦٤)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٣١٧ - ٣١٩).

<<  <   >  >>