للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العموم إذا خصَّ لم يجُزْ أنْ يُسْتنْبَطَ منه معنًى يُقاسُ عليه غيرهُ؛ لأَنَّهُ إذا خُصَّ صارَ الحكم ثابتًا بقرينة، فإذا اُسْتُنْبطَ المعنى منه لم يَصِحَّ اجتماع المعنى مع تلك القرينة؛ فإن المعنى يقتضي العموم، والقرينة تقتضي الخُصُوصَ؛ فلا يَصِحُّ اجتماعهما.

قال: وهذا قولٌ فاسدٌ؛ لأنَّ اللَّفظَ إذا خُصَّ خرج منه ما ليس بمرادٍ، فبقي الباقِي ثابتًا باللَّفظ، فيصيرُ كأنَّ الحكم للباقِي ورد ابتداءً، فجاز استنباط المعنى منه" (١).

• المثال الثالث:

قال الإسنوي في (مسلك المناسبة): "وقال المصنف: المناسب: هو ما يجلب للإنسان نفعًا، أو يدفع عنه ضررًا.

فجعل المقاصد أنفسها أوصافًا مناسبة على خلاف اختيار الإمام (٢)،

وهو فاسد، ألا ترى أن مشروعية القصاص مثلاً جالبة أو دافعة -كما بيناه- وليست هي الوصف المناسب؛ لأن الوصف المناسب من أقسام العلل، فيكون هو القتل في مثالنا؛ لا المشروعية؛ لأنها معلولة؛ لا علة، وكذلك الردة وغيرها مما قلناه" (٣).


(١) يُنظر: البحر المحيط (٤/ ٧١).
(٢) ذكر الرازي للمناسب تعرفين، الأول: "الذي يُفضي إلى ما يوافق الإنسان تحصيلاً وإبقاء". وقال: "يُعبر عن التحصيل: بجلب المنفعة، وعن الإبقاء: بدفع المضرة؛ لأن ما قصد إبقاؤه، فإزالته مضرة، وإبقاؤه دفع المضرة".

والثاني: "الملائم لأفعال العقلاء في العادات". وقال: "التعريف الأول قول من يُعلل أحكام الله تعالى بالحكم والمصالح. والتعريف الثاني قول من يأباه". يُنظر: المحصول (٥/ ١٥٧ - ١٥٩).
(٣) نهاية السول (٢/ ٨٥٣).

<<  <   >  >>