للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقياس الدلالة (١) " (٢).

• المثال الثالث:

قال الزركشي في مسألة (تعليق الشارع حكمًا في واقعة على علة هل يفيد العموم؟ ): "إذا علَّقَ الشارع حكمًا في واقعة على علة تقتضي التّعَدِّي إلى غير تلك الواقعة؛ مثل: حرَّمت السّكَّرَ لكونه حُلوًا، فإن قطع باستقلالها؛ فالجمهور على التَّعَدي قياسًا، وشَذَّ من قال فيه: يتعدَّى باللَّفْظ.

فإن لم يقطع؛ بل كان ظاهرًا فيه؛ كما في الْمُحْرِمِ الذي وَقَصَتهُ نَاقَتهُ، وقوله - عليه السلام -: «لا تخَمِّرُوا رَأسَهُ، ولَا تقَرِّبُوهُ طيبًا؛ فإنه يبْعَثُ يوم الْقيَامَةِ ملَبِّيًا» (٣)؛ فإن الظاهر عدم الاختصاص بذلك الْمُحْرِمِ؛ فاختلفوا في أنَّهُ يَعمُّ أم لا؟

فقال أبو حَنيفَةَ: لا يَعمُّ؛ لأَنَّهُ يحتملُ تخصيص ذلك بهذه العلَّةِ؛ لأَنَّهُ وقَصَتْ بهِ نَاقَتهُ لا لمجَرَّدِ إحرامهِ، أو لأَنَّهُ علم من نيَّتِه إخلاصه وغيره لا يعلم منه ذلك، واختاره الْغَزَاليُّ (٤) وحَكَاهُ عن الْقَاضي أبي بَكرٍ (٥)، والصَّحيحُ: أنَّهُ عامٌّ.

واختلف القائلون به هل عمَّ بالصِّيغةِ أو بالقياس على قولين مَحْكيَّيْنِ عن


(١) قياس الدلالة هو القسم الثاني للقياس باعتبار التصريح بعلة حكم الأصل أو عدم التصريح بها.

وهو: ما جمع فيه بين الأصل والفرع بلازم العلة، أو أثرها، أو حكمها. يُنظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٤٣٦)؛ البحر المحيط (٢/ ٤٩)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٣٢٠). ويُنظر: القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين (ص: ٢٤٥).
(٢) يُنظر: روضة الناظر (٢/ ٢٥٩).
(٣) الحديث في الصحيحين: صحيح البخاري، ك: الجنائز، ب: الكفن في ثوبين، (١/ ٤٢٥/ح: ١٢٠٦)، ك: الجنائز، ب: كيف يُكفَّن المحرم، (١/ ٤٢٦/ح: ١٢٠٩)، ك: الحج، ب: سُنة المحرم إذا مات، (٢/ ٦٥٦/ح: ١٧٥٣)؛ صحيح مسلم، ك: الحج، ب: ما يُفعل بالمحرم إذا مات، (٢/ ٨٦٦ - ٨٦٧/ح: ١٢٠٦).
(٤) يُنظر: المستصفى (٣/ ٢٨٥ - ٢٨٦).
(٥) يُنظر: مختصر التقريب والإرشاد (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <   >  >>