للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث شموله للآحاد، خاصًّا من حيث اقتصاره على ما شمله، وقصوره عما لم يشمله. ومن هذا الوجه يمكن أن يقال: ليس في الألفاظ عام مطلق؛ لأن لفظ (المعلوم) لا يتناول المجهول، والمذكور لا يتناول المسكوت عنه).

قلت: فحاصل قوله (١): أن كل لفظ فهو بالنظر إلى شموله أفراد ما تحته عام، وبالنظر إلى اقتصاره على مدلوله خاص، وبهذا التفسير لا يبقى لنا عام مطلق؛ لكن هذا غير تفسيرنا العام المطلق بما لا أعم منه؛ لأن من الألفاظ ما يكون عامًّا لا أعم منه مع أنه مقصور الدلالة على ما تحته؛ فيكون حينئذ عامًّا مطلقًا؛ لا عامًّا مطلقًا باعتبارين، كما ذكر من التفسيرين؛ لكن مثل هذا لا ينبغي أن يحكى قولاً مطلقًا كما فعل الشيخ أبو محمد (٢)؛ لئلا يوهم أن في وجود العام المطلق بتفسير واحد قولين، وليس كذلك؛ بل نذكر ذلك بتفسيرين كما فعل الغزالي - رحمهما الله تعالى -" (٣).

• المثال الثالث:

قال الزركشي في آخر مسألة (دخول المجتهد المبتدع في الإجماع): "واعلم أنَّهُ كَثُرَ في عبارة المصنفين - خصوصًا في علم الكلام - أن يقولوا عن الرّافضة ونحوهم: خلافًا لمن لا يُعتَدُّ بخلافه، وهذا لا ينبغي ذِكرُهُ؛ لأنَّهُ كالتناقض من حيث ذكره، وقال: لا يُعتَدُّ بهِ إلا أن يكون قصدهم التَّشنيع عليهم بخلاف الإجماع" (٤).


(١) أي: حاصل قول الغزالي.
(٢) وعبارة ابن قدامة: "ثم العام ينقسم إلى: عام لا أعم منه يسمى: عامًّا مطلقًا؛ كالمعلوم يتناول الموجود والمعدوم، وقيل: الشيء. وقيل: ليس لنا عام مطلق؛ لأن الشيء لا يتناول المعدوم، والمعلوم لا يتناول المجهول". روضة الناظر (٢/ ٨ - ٩).
فتلحظ أن ابن قدامة ذكر قولين في تفسير العام باعتبار أنه لا أعم منه، وهذا ليس بصحيح؛ فإن العام بهذا الاعتبار ليس فيه إلا قول واحد، وأما القول الثاني الذي ذكره ابن قدامة - وقيل: ليس لنا عام مطلق- فهذا بالاعتبار الثاني، وهو العام الإضافي.
(٣) يُنظر: شرح مختصر الروضة (٢/ ٤٦٢ - ٤٦٣).
(٤) يُنظر: البحر المحيط (٤/ ٤٦٩).

<<  <   >  >>