للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: «لا تغالوا في مهور النساء. فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر؛ إن الله يقول: {وإن آتيتم إحداهن قنطارًا من ذهب -قال: وكذلك هي في قراءة عبدالله (١) - ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا} (٢). فقال عمر: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته» (٣).

فتواضع عمر للحق وهو يومئذٍ أمير المؤمنين.

وسبق ذكر استدراك التابعين على الصحابة وتواضع كل منهما للآخر.

ويشهد لتواضع المستدرَك عليه في الأصول ما قام به ثلة من الأصوليين برجوعهم عن أقوالهم السابقة لما بان لهم الحق في غير تلك الأقوال.

وأما تواضع المستدرِك مع المستدرَك عليه فيمكن تقريره بما ذكر في الكتب الأصولية من الاستدراكات التي كان يلتمس فيها المستدرِك للمستدرَك عليه تفسيرات ومبررات لقوله؛ ومن أمثلة ذلك ما ذكره الغزالي في معرض حديثه عن المجاز في القرآن الكريم وحكاية قول من منع وجوده، فالتمس الغزالي لأصحاب هذا القول تعليلاً معقولاً فقال: " ... فالقرآن يشتمل على المجاز خلافًا لبعضهم. فنقول: المجاز اسم مشترك قد يطلق على الباطل الذي لا حقيقة له، والقرآن منزه عن ذلك، ولعله أراده من أنكر اشتمال القرآن على المجاز، وقد يطلق على اللفظ الذي تجوز به عن موضوعه، وذلك لا ينكر في القرآن ... " (٤).


(١) عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٢) ونص الآية المتواترة: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْ‍ئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [النساء: ٢٠].
(٣) يُنظر: مصنف عبدالرزاق، ك: النكاح، ب: غلاء الصداق، (٦/ ١٨٠/ح: ١٠٤٢٠).
(٤) يُنظر: المستصفى (٢/ ٢٤ - ٢٥).

<<  <   >  >>