للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقشت بحبرهم؛ حتى نُسب جزء من هذا العلم إليهم، فقيل: طريقة المتكلمين (١).

يقول الإمام الغزالي موضحًا سبب إقحام مواضيع من علم الكلام في علم الأصول: "وإنما أكثر فيه المتكلمون من الأصوليين؛ لغلبة الكلام على طبائعهم، فحملهم حُبُّ صناعتهم على خَلْطِه بهذه الصنعة" (٢).

وأذكر لك من كلام الأصوليين ما يقرر وجود مسائل من علم الكلام:

قال الرازي في ختام مسألة (عصمة الأنبياء): "وقد سيقت هذه المسألة في علم الكلام ومن أراد الاستقصاء فعليه بكتابنا في عصمة الأنبياء (٣)، والله أعلم" (٤).

وذكر الآمدي في مسألة (حد الأمر): "وليقنع بهذا هاهنا عما استقصيناه من الوجوه الكثيرة في علم الكلام" (٥).


(١) والأصوب أن يقال في هذه الطريقة: طريقة الجمهور؛ لأن ممن كتب على هذه الطريقة من يُنابذ علم الكلام؛ كالإمام السمعاني - رحمه الله -؛ بل وصف المتكلمين بالأجانب؛ إذ قال في مقدمة كتابه القواطع: "وما زلت طول أيامي أطالع تصانيف الأصحاب في هذا الباب وتصانيف غيرهم، فرأيت أكثرهم قد قنع بظاهر من الكلام، ورائق من العبارة، لم يداخل حقيقة الأصول على ما يوافق معاني الفقه، وقد رأيت بعضهم أوغل وحلل وداخل غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل، وسلك طريق المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه؛ بل لا قبيل لهم فيه ولا دبير، ولا نقير ولا قطمير، .... " قواطع الأدلة (١/ ٦). وفي هذا يقول الدكتور موسى القرني: "إن علم الكلام الذي يُنسب إليه المتكلمون علم مذموم عند السلف، وهو شعار لمن ترك الاستدلال بالكتاب والسنة، ومال إلى أقوال الفلاسفة وقواعد المنطقيين، فإطلاق هذه التسمية على من عدا الأحناف من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وغيرهم إطلاق يحمل في لفظه ما يقتضي رفضه، ويدل معناه على ما يستوجب نقضه". مرتقى الوصول إلى تاريخ علم الأصول (ص: ٣٧).
(٢) المستصفى (١/ ٢٧).
(٣) قال حاجي خليفة: "عصمة الأنبياء لفخر الدين الرازي، أوله: الحمد لله المتعالي بجلال أحديته عن مسارح الخواطر إلخ، وهو مختصر مرتب على فصول". يُنظر: كشف الظنون (٢/ ١١٤١).
(٤) يُنظر: المحصول (٣/ ٢٢٨).
(٥) يُنظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٢/ ١٧١). وكثير ما يُحيل إلى كتابه " أبكار الأفكار".

<<  <   >  >>