للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاف من فروع علم أصول الفقه" (١).

ويمكن إبراز تأثير الجدل في علم أصول الفقه - الذي هو مادة الاستدراك الأصولي- في النقاط التالية:

أولاً: إضافة مقدمة في علم الجدل ضمن مقدمات علم أصول الفقه، وتفرد بهذا ابن عقيل في كتابه "الواضح في أصول الفقه وعلل ذلك بقوله: " ... رأيتُ أن أُشْفِعَها بذكر حدود الجدل، وعقوده، وشروطه، وآدابه، ولوازمه؛ فإنه من أدوات الاجتهاد ... فجمعتُ بذلك بين قواعد العِلمين: أصول الفقه والجدل". (٢)

ثانيًا: إضافة مسائل وموضوعات علم الجدل في علم أصول الفقه؛ كقوادح القياس والاعتراضات الواردة على القياس، وفي هذا يقول الغزالي: " ... وراء هذه اعتراضات؛ مثل: المنع (٣)، وفساد الوضع (٤)، وعدم التأثير (٥)،


(١) مفتاح السعادة (١/ ٢٨٤).
(٢) (١/ ٢٩٥).
(٣) سيأتي التعريف به عند الحديث عن معايير الاستدراك في (ص: ٥٦٢).
(٤) فساد الوضع: أن يعلق على العلة ضد ما تقتضيه. يُنظر: الواضح في أصول الفقه (٢/ ٢٨٨)؛ تشنيف المسامع (٣/ ٢٧١ - ٣٧٣)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٣٤٦)؛ نشر البنود (٢/ ٢٣٣).
مثاله: أن يقول المستدل الحنفي أو الحنبلي في عدم وجوب الكفارة في القتل العمد: القتل العمد كبيرة من الكبائر فلا يُوْجِب الكفارة قياسًا على الردة. فيقول المعترض الشافعي: قياسكَ فاسد الوضع؛ لأن العلة _وهي كون القتل كبيرة_ تقتضي التغليظ في العقوبة لا التخفيف، وإيجاب الكفارة تغليط، وإسقاطها تخفيف. يُنظر: الواضح في أصول الفقه (٢/ ٢٨٨)؛ تشنيف المسامع (٣/ ٢٧١ - ٣٧٢).
(٥) عدم التأثير: اشتمال الكلام على لفظ لا أثر له، وله خمسة أقسام: الأول: عدم التأثير في الوصف، الثاني: عدم التأثير في الأصل، الثالث: عدم التأثير في الحكم، الرابع: عدم التأثير في محل النزاع، الخامس: عدم التأثير في الأصل والفرع معًا. يُنظر: البرهان في أصول الفقه (٢/ ١٠٠٧)؛ شرح الكوكب المنير (٤/ ٢٦٤ - ٢٧٥)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٣٣٨)؛ نثر الورود (٢/ ٥٢٤ - ٥٢٩).

من أمثلته - عدم التأثير في الأصل-: أن يقول المستدل في عدم صحة بيع الغائب: مبيع غير مرئي فلا يصح بيعه قياسًا على الطير في الهواء. فيقول المعترض: الوصف - غير مرئي- عديم التأثير؛ وذلك لأن الحكم يثبت بدونه؛ فإن الطير في الهواء لا يصح بيعه ولو كُنَّا نراه. يُنظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٥٤٨)؛ شرح الكوكب المنير (٤/ ٢٢٦)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٣٣٨)؛ نثر الورود (٢/ ٥٢٦).

<<  <   >  >>