للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل أمرت بكل صلاح، ونهت عن كل فساد، وأباحت كل طيب، وحرمت كل خبيث (١).

ومثل هذا التأكيد يحمل الناظر على التوقّف في أمر التحيّل المختلفةِ أنواعُه، المتباينةِ أغراضُه. كما يحمل على النظر في الذرائع، وما يكون بها من شدّة في إبطال كثير من الأعمال الجائزة والمباحة. ولا يتجلّى لنا هذا إلا باتباع النظر في التحيّل بالنظر في الذرائع.

وفرّق د/ محمود حامد عثمان بين التحيّل وسد الذرائع بقوله: إذا كانت الحيلة عبارة عن تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، وكانت الذريعة هي ما كان ظاهره الإباحة ويُتَوصَّلُ أو يمكن أن يُتَوصَّل به إلى محظور، يتضح لنا أن الذرائع والحيل قاعدتان متشابهتان، والكلام فيهما متداخل. وهما يلتقيان أحياناً ويفترقان أخرى. ولهذا التداخل حُمل مَن كتب عنهما على التكلم على إحداهما أثناء كلامه على الأخرى. وعلى أن يستدل لإحداهما بأدلة الأخرى (٢).

وقال الشيخ ابن عاشور: للذرائع تعلّق قوي بمبحث التحيّل، إلا أن التحيّل يراد به إعمال بعض الناس في خاصّة أحواله للتخلّص من حق شرعي عليه، بصورة هي أيضاً معتبرة شرعاً حتى يظن أنه جار على حكم الشرع. وأما الذرائع فهي ما يفضي إلى فساد سواء قصد الناس به إفضاءه إلى فساد أم لم يقصدوه، وذلك في الأحوال العامة. فحصل الفرق بين الذرائع والحيل من جهتين: جهة العموم والخصوص، وجهة القصد وعدمه.


(١) إعلام الموقعين: ٣/ ٢٠٧.
(٢) د/ محمود حامد شعبان. قاعدة سد الذرائع وأثرها في الفقه الإسلامي: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>