للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثروة سواء في المجالات الضيقة أو الواسعة في المجالين العمراني والاقتصادي، فإن الواجب يفرض علينا أن نعرِف حقهم، ونجزيهم الجزاء الأوفى عن أعمالهم. فمن يرجع إلى توجيهات الإمام ابن عاشور في ذلك وسياسته التعاونية والاجتماعية يسرع دون شك إلى الاستجابة لله وللرسول فيما قضى به كل منهما من أداء حقوق العمال وإعطائهم أجورهم من غير تأخير أو مطل. فأجرة كل عامل على عمله، ولو كان من العاملين على الصدقات يجمعها. فقد منح الله هؤلاء العمال أجراً في كتابه إذ يقول: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}. وهذا في الواقع من باب مكافأة العامل على عمله. والأصل في هذا أن يكون الأجير كفؤاً للعمل، وأن يكون تقدير أجرته بما وقع عليه الاتفاق بين الطرفين. فإن أعوز ذلك كان تقدير الأجرة للحاكم وبتحكيم أجر المثل. ويستحق الأجيرُ العاملُ أُجْرَتَهُ عند الفراغ من عمله، أو بإثر قيامه بما وجب عليه فيه. وهكذا يستوفي حقه كاملاً. ولا يؤخذ منه أو يقطع من أجرته ما أكله بالمعروف. فإن العادة أن العامل يأكل من ثمرة الوقف، حتى ولو اشترط الواقف منعه من ذلك. والمراد بالمعروف هنا ما عناه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين وقف أرضه التي بخيبر من قوله: "ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقه غير متمول مالاً" (١).

والمعروف ليس الأخذ من المال بقدر أجرته على العمل، فإن


(١) الحديث حوار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأن الوقف. ومنه في آخرته مقالة عمر في أرض خيبر التي لم يُصِبْ مثلها. وتمام الحديث: ويطعم غير متمول. زاد ابن سيرين: غير متأثل مالاً. ٢٤ كتاب الشروط. ٦٩ باب. خَ: ٣/ ١٨٥؛ دَ: ٣/ ٢٩٨، ع ٢٨٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>