تساندها التوجيهات الإلهية، وتحدوها صور من التعاون المثالي، والنصيحة التامة. وهي بتلاوتها القرآن العظيم، وتدبّرها معاني آياته، تتوصّل إلى تعيين ومعرفة المقاصد الشرعية التي خصّها الله بها.
الثانية: هذا المدد الرباني الكريم الذي يحدد سلوك الأفراد والمجتمعات منفصلة عن بعضها، أو ممتزجةً جميعُها باتباعها المنهج الرشيد الوحيد الصادر عن الحق سبحانه، والمتمثل في الطريقة العملية التفصيلية التي جاء بها الرسول الأمين خاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم -. فاجتمعت من هذا وذاك آيات الأحكام وأحاديثها، وكل ما يرتبط بها من نصوص حُكمية وحِكمية فيها الدعوة إلى الحق، والتوجه إلى الخير، والتنافس في العمل الصالح. ومثلما كانت المرحلة الأولى تأسيساً وتعليماً وتلقياً وإدراكاً لأسباب العناية الإلهية، الكاشفة عن المقاصد الشرعية في تشريعنا وفقهنا، بدت لنا تشاريع أخرى تدني الطبيعة الإنسانية من النصوص التكليفية، تضيف إلى ما في الأولى من قوة وإيجابية طرقاً أساسية وقواعد وأحكاماً جديدة تضمن تدارك الأوضاع المرتبِكة في العائلة، وتنفي عنها الظلم، وتجعلها متكافئة في الحالين بانبناء أحكامها وتصرّفات المؤمنين فيها على حسب الأوامر والنواهي التي لابست الأُسرة في أحوالها المختلفة، في حال إقامة عُمَدها وأصولها، وحال محافظتها على المصالح الباقية، وحال مساعدتها على انحلال الأواصر الضعيفة، انحلالاً طبيعياً وشرعياً حسب القواعد والأصول.
قال صاحب المقاصد: قد جعلت الشريعة لكل آصرة وسيلةً إلى انحلالها إذا تبيّن فساد تلك الآصرة أو تبيّن عدم استقامة بقائها (١).