للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب من الإيالة للدولة العلية بالقلم العربي. له رسالة في المرأة، ومقامة دعاها المقامة البشرية في الأنوار البشيرية.

تقلد المراقب العسكرية، فتدرّج من آلاي أميني وقائم مقام إلى أمير لواء وأمير أمراء. ولِما ظهر فيه من القدرة والفطنة وليَ السفارة بإستانبول مرتين، وانتقل من كاتب سرّ الباي إلى وزيره. صاحبَ المشير الأول أحمد باي في زيارته إلى باريس، وعيّن عضواً بمجلس المشير الثاني مَحَمد باي. وفي عهد المشير الثالث محمد الصادق باي سماه الأمير عضواً بالمجلس الأكبر المنبثق عن عهد الأمان.

وإن محبته للوزير خير الدين، وتقديره لآرائه، وإعجابه بتصنيفه لأقوم المسالك جعله يقول في تقريظه: "فرأيته كالصبح في الدجى الحالك، يحذّر السالك من مهاوي الغرور والمهالك، فزادك الله كمالاً على كمالك. أوضحتَ فيه من قواعد شريعتنا المحمدية الصالحة لكل زمان، بما فيها من اعتبار المصالح والاستحسان، ما يروي الظمآن بأبلغ بيان، حتى اتَّضح سرّها للعيان، وبيّنتَ أسباب التقدم في المعارف التي أساسها العمران، الذي جاءت به الشرائع والأديان، على أعذب أسلوب جاذب للقلوب. وقمت فيه بشهادة الله مقام علماء الدين والأئمة المهتدين، بنقل ما حررته عن أولئك المجتهدين، فكان كتابك في ذلك كسراج المهتدين" (١).

وبعد ذلك بدأ نجم ابن أبي الضِّيَاف في الأفول في الأشهر الأخيرة من سنة ١٢٨١/ ١٨٦٤، بعد أن حيكت له من الخصوم والمزاحمين الدسائس. ففقد حظوته بإبعاده من السلطة، ولم يعد له


(١) المنصف الشنوفي. أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك لخير الدين التونسي، تقديم وتحقيق: (٢) ٢/ ٨٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>