للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدَرًا مَقْدُورًا} (١)، و {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (٢).

ويحملنا هذا على التطلع إلى معرفة المقاصد الشرعية الحاكمة للمعاملات وللتصرّفات المالية بين الناس. فنتبين أسرار التشريع فيما يعود إلى مقاصد البشر النافعة، وما تتحقق به الموازنة بين جميع طبقات المجتمع الإنساني.

فإن من السياسة الدينية ما يقوم على توجيه العباد في تصرّفاتهم المالية، وإن كانوا أحراراً في الأساس في مباشرة ما عهد به إليهم من رزق حُرِمَ منه غيرهم.

ومنها بيان حقيقة الإنفاق لذلك المال في السبل المشروعة.

وكذلك وجوب الاستجابة للأوامر والنواهي الشرعية التي تقتضي مراعاة أحكام الله التي لا يجوز إغفالها ولا تجاوزها نفياً للظلم، وحماية للحقوق، وإقامة للعدل.

ولكون المال وهو الذهب والفضة والحلي والنقود مما تُقتنى به أعواض الأشياء المحتاج إليها، وكذلك الجنات والحوائط وحقول الزرع مما أنعم الله به على عباده، وائتمنهم عليه وامتحنهم فيه، اعتُبر ذلك كله من متاع الحياة الدنيا، تحرِص النفوس على الحصول عليه، والتنافس فيه، والتواثب عليه. وتغلب عليهم شقوتُهم بقدر تعلق نفوسهم به وإفراطها في طلبه، استجابة لشهوتها النزاعة إليه، غير ناظرة إلا إلى جانبه المغري، ساهية عما يخفيه وينطوي عليه من مذام.


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٣٨.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>