للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خير في السرف، فأجيب بأنه لا سرف في الخير. ولهذه النظرة مؤدّاها، والمقصد منها.

وفي هذا التوجيه والتشريع الإلهيين: التنبيهُ أولاً على أنه سبحانه جعل المال عوضاً لاقتناء ما يحتاج إليه المرء في حياته من ضروريات وحاجيات وتحسينيات كما قدمنا، وأنه قدّر ثانياً أن يكون المال مرصوداً لإقامة مصالح الأمة.

وربما دلت الثروة على معنى المال وأطلقت بإزائه. فقد قرن بينهما الشيخ ابن عاشور حين أراد استجلاء المقصد الشرعي منهما وذلك في قوله: مال الأمة ثروتها (١).

وأمعن المعاصرون في تحديد الثروة، وجعلوها قسمين باعتبارٍ أوسع وأدق. فقالوا: هي من جهة تشارُك في الأعمال الإنتاجية في شكل نقدي، ومن جهة ثانية ما يتحول إلى معدات إنتاجية تتخذ أشكالاً مختلفة عدداً، وآلات ومولدات طاقة ومبانيَ وأثاث، يترتّب على إنتاجها التضحية بإنتاج مختلف السلع والخدمات الاستهلاكية. وهي العنصر الإنتاجي الذي نسميه رأس المال في حين أن الشكل النقدي الأول ليس إلا تعبيراً نقدياً عن عنصر التنظيم الذي يواجه المخاطرة وعدم التأكد (٢).

ويقتضي هذا النظر حماية مكاسب الناس أولاً بعدم انتزاع الملك من صاحبه بدون رضاه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لعرق ظالم حق" (٣).


(١) المقاصد: ٤٦٠.
(٢) د/ عبد العزيز فهمي هيكل. المدخل إلى الاقتصاد الإسلامي: ١٢٢.
(٣) خَ: ٤٥ كتاب الحرث والمزارعة، ١٥ باب من أحيا أرضاً مواتاً: ٣/ ٧٠. واللفظ عنده: ليس لعرق ظالم فيه حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>