للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك حاسماً حين قال: "أرضى بفقد حرية التصرّف من أجل نفع الرعية" (١)، والباي متأثر في موقفه هذا بمقالة شيخ الإسلام محمد بيرم الرابع: "إننا نخشى غضب الدولة العلية، وأصول التنظيمات لا تخالف ديننا" (٢)، وكان هذا جارياً على رأي شيخي الإسلام عارف بك بالآستانة، وإبراهيم الرياحي بتونس.

وبتكليف ابن أبي الضياف بصياغة قانون عهد الأمان الذي يعتبر صورة من التنظيمات الخيرية وتطبيقاتها، وبالاستجابة للفرمان السلطاني استبشر خير الدين بموقف المشير الثاني، ودعا له "أن يمنحه الله من يعينه بنصائحه على إعداد نص القانون التنفيذي". واعتبر المؤرخون وأهل تونس هذه الإصلاحات نهاية للمجتمع الإسلامي التقليدي، وبداية مسارٍ آخر لا يعلم منتهاه إلا الله (٣).

وفحوى عهد الأمان الذي تمّ الإعلان عن قانونه بمجلس الباي بحضور أعضاء الحكومة، وأهل المجلس الشرعي، والأعيان، ورجال الدين من الملَّتين اليهودية والنصرانية، وقناصل الدول، والأميرال الفرنسي في ٢٠ محرم ١٢٧٤/ ٩ سبتمبر ١٨٥٧، تتمثل فيما نصت عليه بنوده، وتعهد به الباي من ضمان مساواة كل رعاياه أمام القانون، وأمام الضرائب، كما أعلن فيه عن تأسيس محاكم تجارية مختلطة لفض النزاعات بين التونسيين والأجانب، وتنظيم الخدمة العسكرية، وضمان حرية الأديان، ومنح الأجانب حق ممارسة كل المهن، وحق الملكية العقارية في البلاد (٤).


(١) ابن أبي الضياف: ٢/ ٢٦٦.
(٢) كريكن: ٥ - ٧.
(٣) كريكن: ٨ - ٩.
(٤) ابن أبي الضياف: الإتحاف: (٢) ٤/ ٢٦٨ - ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>