للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذيل هذا التعريف بالمضاربة وبيان المقصد الشرعي منها ومن بقية عقود المشاركات، لا يفوتنا أن ننبه إلى نوع آخر من المضاربة، يتأكد التحذير منه، وهو معروف وجارٍ في الاقتصاد الغربي. وهو يشبه ما كان يعرف في العصر الجاهلي بالقرض الإنتاجي الربوي. وهو يقوم أساساً على تحديد الفائدة الربوية، للمبلغ المقترض، كما يحدّد الزمن الذي يستغرقه القرض كأن يكون ١٠ % سنوياً من رأس المال، مهما كانت نتائج القرض من كسبٍ كثير أو قليل أو من خسارة. وقد أبطله الإسلام لما فيه من تضارب مع أحكام الشريعة الإسلامية، ومناقَضة لها.

وأضاف د/ علي السالوس في تفريقه بين شركة المضاربة والقرض الإنتاجي الربوي أنّ العلاقة بين صاحب القرض وآخِذِه ليست من باب الشركة. فصاحب القرض له مبلغ معين محدّد، ولا شأن له بعمل من أخذ القرض، والمقترض يستثمر ما أخذ من مال لنفسه فقط باعتباره مالكاً لذلك المال. وهو ملتزم برد مثله مع الزيادة الربوية عند حلول أجل الوفاء بذلك الدين. فإن كسب كثيراً فلنفسه، وإن خسر تحمَّلَ وحده الخسارة (١).

والمضاربة في الاقتصاد المعاصر عبارة عن عمليات بيع وشراء تنتقل معها العقود والأوراق المالية من يد ليد، دون أن يكون في نية البائع أو المشتري تسليمُ أو تسلمُ موضوع العقد المتفق عليه. وإنما غاية كل طرف من الطرفين ربِ المال والمضاربِ أو العامل الاستفادة من فرق السعر بين ما اشتراه بالأمس وما باعه اليوم، وبين ما يشتريه اليوم ويبيعه غداً. وهكذا تدور الصفقة عدَّة دَورات بين الطرفين إلى


(١) الاقتصاد الإسلامي: ١/ ١٣٤ - ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>