للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرق الشيخ ابن عاشور بين ذكر هذه الأنواع الثلاثة من عمل الأبدان: المساقاة، والمزارعة، والمغارسة، وبيّن ما توصل إلى ضبطه من مقاصدَ شرعيةٍ وآداب تعاملية تُطلب من ورائها، وذلك كوجوه الرفق بالعمال، وعدم استعبادهم أو إلحاق الضرر بهم، والتعجيل بدفع مستحقاتهم وتنفيلهم بمنافع زائدة على ما يقتضيه العمل (١).

ومما سبق نخلص إلى أن مقاصد الشريعة في التصرّفات المالية خمسة هي: الرواج، والوضوح، والحفظ، والثبات، والعدل، كما تقدم وكما ذكره الشيخ - رحمه الله - (٢).

ولا يسعنا بعد استعراض هذه النماذج من العقود المختلفة من عقود التمليك وعقود التبرع، وعقود التوثق وعقود المشاركة أو عقود الأبدان، وبعد الحرص على بيان المقصد الشرعي أو الحكمة من تشريعها، كما هو الشأن في سائر العقود، إلا أن ننبه إلى أن الأئمة من الفقهاء المبرّزين بذلوا في كل العصور من الجهود ما استقامت عليه هذه الشريعة من أحكام وضوابط وعلل وأقيسة بغية التوصل إلى الوفاء بالغرض منها. وما ذلك إلا بالرجوع إلى الكتاب والسُّنة، وفهمهما فهماً صحيحاً، والاستنباط منهما، والاعتماد على إجماع علماء الأمة، وما قاموا به من ضروب القياسات لعلاج ما يعرض لهم مع تطورات الزمان، وما يقتضيه ذلك أو يتطلبه من دراسة للمستجدات، وبيان لحكم الشارع فيها باستخدام ما بين أيديهم من آلات النظر والبحث والاستنباط والاستنتاج والوقوف على ما هو من مقاصد الشريعة مما أُمرنا فيه بجعل مناهجنا في تصورها وتحديدها


(١) المقاصد: ٤٩٢ - ٥٠٠.
(٢) المقاصد: ٤٦٧ - ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>