للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلم يُطلق على إدراك المسائل. ولهذا السبب قالوا: الفقه هو الفهم، ويُطلق على المسائل نفسها، وعلى الملكة الحاصلة للمتمرس به وبقضاياه. وعلى هذا النحو قالوا: العلم هو الوجود الذهني، إذ لا يعقل ما هو معدوم صِرف بحسب الخارج كالممتنعات (١).

واعتمد الماوردي على نفي مساواة العالم بغيره في الآية، لأنها وردت مورد الزجر، فأصبح الزجر أمراً في معنى الأمر بالعلم ونهياً عن الجهل.

وبحكم هذا التفسير أو الاتجاه في وصف القاضي يصبح المقصود من العلم العلمَ بأصول الأحكام التي نصّ عليها معاذ في حديث: "كيف قضيت"؟ (٢).

وإذا كان العالِم المقلّد هنا هو الفقيه في اصطلاحاتنا الشرعية، فإن هذا الفقيه هو من يكون ذا علم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، والفقه هو نفس هذه الأحكام التي نحتاج في معرفتها إلى التأمل والفهم، وبعضٍ من الاجتهاد وإعمال الرأي (٣).

(٣) وأما العامي الذي يمكن اعتباره في الدرجة الثالثة بعد المجتهد والفقيه في بعض المذاهب، والذي قد تقتضي المصلحة وجودَه، فهو مَن لا يستطيع أن ينهض بأعباء القضاء على وجه قريب من المطلوب إلا بواسطة الاستشارة والجنوح إلى أقوال من سبقه من


(١) القنوجي: أبجد العلوم: ٢، (٢١)، ١، ١٤.
(٢) الماوردي: أدب القاضي: ٢/ ٢٧٢.
(٣) د/ محمد سلام مدكور. مناهج الاجتهاد: ٢٣ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>