للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء والمفتين. وأكثر المذاهب لا تبيح تقليدَه خطة القضاء لأنها وإن صحّت نسبته إليها فإن جهله يحول دون قضائه بالحق، ويقع الحكم منه باطلاً من حيث لا يشعر. قال الماوردي: ويدخل في الوعيد لأنه قَضَى على جهل (١).

وبنظرة سريعة إلى المذاهب الأربعة يمكن التفريق بينها فى شأن العلم.

فالحنفية، وإن كانوا لا يعتبرون العلم شرطَ صحة في تولية القضاء بل شرطَ ندب واستحباب؛ منقسمون إلى فريقين:

الأول: يجيز تقليد العامي القضاء، لأنه قد يحكم بعلم غيره باعتماده في هذا المهم فتاوى وأحكام مَن تقدمه من القضاة فيقضي بها.

الثاني: لا يَقبل تقليدَ العامي القضاء بحال. فَتَوْلِيته وإن جازت شكلاً عند أصحاب الفريق الأول فلا ينبغي أن يتصرّف بحكم هذا التقليد في قضايا الناس، لما يترتب على تصرّفه هذا في الأحكام من إضرار بالمجتمع، وجور على الخلق. وهذا باطل شرعاً لا يقبل تبريراً، ولا يمكن القيام به لما فيه من ردٍّ وإبطال لحديث معاذ، ولمخالفته إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمُعاذ، ورضاه بما ذكره من الأصول التي تبعها القاضي مطمئناً. فهو إما أن يحكم بالكتاب، وإما أن يحكم بالسُّنة، وإما بما يلتمسه من مصادر التشريع الأخرى. ولا يتأتّى هذا للعامي إذ هو مقطوع الصلة بهذه المصادر وبالوجوه الثلاثة من الحكم، فأين سبيله إليها؟!. وقد توعّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا النوع من


(١) أدب القاضي: ١/ ٦٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>