للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخفاء، ودعا إلى الاستعانة على فهم المعاني بمعرفة السياق والمقام وما يحف بالكلام من دلالات وقرائن مقالية وحالية، وحمل على الخطأ كل الفقهاء الذين كانوا يقتصرون في استنباط الأحكام على اعتصار الألفاظ. وأشار إلى تقصير الظاهرية وبعض المحدّثين في ذلك. ونقد بعض الأحاديث ووجه الدارسين إلى القيام بتحرير مقدار الاعتبار بمذاهب الصحابة فيما طريقه النقل والعمل.

وعلى غرار الإمام القرافي اهتم بالتمييز بين مقامات أقوال وأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفرَّق بدقة بين التبليغ والإمامة القضاء. وجعل المقامات بما تختلف فيه بينها من أحوال ليست مقصورة على مقامات التشريع، بل تتجاوزها إلى ما وراءها، وأورد اثنتي عشرة حالة هي كما ذكرنا أولاً مما كان يختلف فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحوال التشريع أو الفتوى أو القضاء أو أحوال كثيرة أخرى كحال الإمارة، وحال الهدي، وحال المصالحة بين الناس، وحال الإشارة على المستشير، وحال النصيحة، وحال طلب حمل النفوس على الأكمل، وحال تعليم الحقائق العالية، وحال التأديب، وحال التجرد عن الإرشاد.

ثم خلص من ذلك وهو ماض في نفس السياق إلى بيان أن مقاصد الشريعة مرتبتان: قطعية وظنية، وأن تعيين مقصدٍ شرعيٍ، كلياً كان أو جزئياً، أمرٌ تتفرع منه أدلة وأحكام كثيرة في الاستنباط. ففي الخطأ فيه خطر عظيم.

وهو يقترح على من يزعم قطعية علم الأصول تجنب هذا المسلك لأن مسائل أصول الفقه ظنية لا يمكن أن ترقى إلى درجة أصول الدين. ولكن الذي ينبغي الاتجاه إليه والحرص على الظفر به

<<  <  ج: ص:  >  >>