للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شأن الشارع أن يطلبه لداعي الجبلة فيه ولكنها إلى ذلك تزيل عنه موانع حصوله، والثاني: ما لا تتحقق به المصلحة إلا أن يقوم بها الجميع كحفظ النفس الواجب على الأعيان، وكالواجب على الكفاية على الفرد أو على الجماعة مثل إنقاذ الغريق وإطفاء النار الملتهمة للبيت. ووقع البحث مع ذلك في جزئيات أخرى كثيرة تدخل في إطار هذا الموضوع منها أن للإنسان أن يتصرف في الحقوق الثابتة له، ولا تعلق لها بغيره بالإسقاط إن شاء، ومنها أنه ليس لأحد إسقاط شيء من مصالح القسم الثاني لأن المصلحة فيه حق ثابت له مع حق غيره. وإذا تعارضت المصالح ترجحت في التقديم العظمى. فتقديم أرجح المصلحتين هو الطريق الشرعي، ودرء أرجح المفسدتين كذلك. فإن حصل التساوي من جميع الوجوه بين المصالح والمفاسد كان الحكم في هذه الحالة التخيير. والشريعة تسعى إلى تحقيق المقاصد في عموم طبقات الأمة بدون حرج ولا مشقة، فتجمع بين مناحي مقاصدها في التكاليف والقوانين مهما تيسر الجمع.

ويمكن أن نضيف إلى هذا ذكرَ أنواع المصلحة المقصودة من التشريع. والعالِم المتمكن ذو الملكة في علم المقاصد يمكنه التعرف بيسر على مقصود الشارع. فمن ذلك اعتبار مقصد الشريعة من التشريع حفظ نظام العالم، وضبط تصرف الناس فيه على وجه يعصم من التفاسد والتهالك.

وكذلك بيان أمثلة ونظائر لأنواع المصالح المعتبرة شرعاً والمفاسد المحذورة. ويتنبه إلى أن مقصد الشارع لا يجوز أن يكون غير مصلحة، ولكنه لا يلزم شرعاً أن يكون مقصوداً منه كل مصلحة.

فالمصالح باعتبار آثارها في قوام أمر الأمة ثلاثة أقسام: ضرورية، وحاجية، وتحسينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>