للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان. ذلك أن مقصد الشريعة أساساً وبالذات هو الإصلاح وإزالة الفساد. وقد جعل الإسلام صلاح الإنسان بصلاح أفراده وبصلاح مجموعه. فبدأ بإصلاح الاعتقاد ثم عالج الإنسان بتزكية نفسه وتصفية باطنة، وتصفية الباطن تُحرِّك دون شك الإنسانَ إلى الأعمال الصالحة.

وللارتباط الجذري بين المقصد والمصلحة عرف الإمام المصلحة بكونها الوصف الذي يحصل به الصلاح أي النفع دائماً أو غالباً للجمهور وللآحاد. وذكر في هذا المقام تعريفات أخرى لها وللمفسدة، نقلها عن الإيجي والشاطبي. ثم قسم المصلحة باعتبار العموم والخصوص، وباعتبار الظهور والخفاء. وتميز عن الإمامين العز بن عبد السلام والشاطبي بذكر ضوابط المصلحة. وهي خمسة أمور:

كون النفع والضر محققين، غالبين، واضحين لا يمكن الاجتزاء عنهما بغيرهما، وكون أحدهما في حال المساواة بضده يعضده مرجح من جنسه، وكون أحدهما منضبطاً محققاً والآخر مضطرباً.

وتعرف مصالح الدنيا ومفاسدها وأسبابها، كما قال العز بن عبد السلام، بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات.

وأكد بعد ذلك على أن تشريع جلبِ المصالح ليس فيه تحصيلُ مفسدة كما أن تشريع درءِ المفاسد ليسَ فيه إضاعةُ مصلحة. وختم البحث بذكر أن المنهيات كلَّها مشتملة على مفاسد.

أما طلب الشريعة للمصالح فقد جعله قسمين: الأول: ما ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>