والجدل، إذ قد فرضوا جَمهرة جدلهم واستدلالهم وتعليلهم خاصةً بمسائل العبادات وبعض مسائل الحلال والحرام في البيوع. وتلك الأبواب غيرُ مجدية للباحث عن أسرار التشريع في أحكام المعاملات. فإنها وإن صلُحت للأصولي في تمثيل قواعده، وللجدلي في تركيب مناظراته، وللفقيه في مقدمات الأبواب الأولى من تأليفه حين يظهر عليه نشاط الإقبال، وقبل أن تعترضه السآمة والملال، فهي لا تصلح لصاحب فقه المعاملات. ولهذا تجَشّمتُ إيجاد أمثلة من المعاملات ونحوها، مما علق بذهني واعترضني في مطالعاتي. وقد أُضطَرُّ إلى الاستعانة بمُثُل من مسائل الديانة والعبادات، لما في تلك المثل من إيماء إلى مقصد عام للشارع أو إلى أفهام أئمة الشريعة في مراده.
وقد قسَّمت هذا الكتاب ثلاثةَ أقسام:
القسم الأول: في إثبات مقاصد الشريعة، واحتياج الفقيه إلى معرفتها، وطرق إثباتها ومراتبها.
القسم الثاني: في المقاصد العامة من التشريع.
القسم الثالث: في المقاصد الخاصة بأنواع المعاملات المعبَّر عنها بأبواب فقه المعاملات.