للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النحو الرابع: إعطاءُ حكم لفعل أو حادث حدث للناس لا يعرف حكمه فيما لاح للمجتهدين من أدلة الشريعة، ولا له نظيرٌ يقاس عليه.

النحو الخامس: تلقِّي بعض أحكام الشريعة الثابتة عنده تلِقِّيَ من لم يعرف عِلَلَ أحكامها ولا حكمةَ الشريعة في تشريعها. فهو يتّهم نفسه بالقصور عن إدراك حكمة الشارع منها، ويستضعف علمه في جَنْب سَعَةِ الشريعة، فيسمَّي هذا النوع بالتعبّدي.

فالفقيه بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة في هذه الأنحاء كلَّها.

أمّا في النحو الرابع فاحتياجه فيه ظاهر. وهو الكفيل بدوام أحكام الشريعة الإسلامية للعصور والأجيال التي أتت بعد عصر الشارع، والتي تأتي إلى انقضاء الدنيا. وفي هذا النحو أثبت مالك، رحمه الله، حجيّة المصالح المرسلة (١). وفيه أيضاً قال الأئمة بمراعاة


(١) وتعرف عند بعض الأصوليين بالاستدلال. وذكروا أن المذاهب في قبوله واعتماده ثلاثة: ردُّه أو نفيه مطلقاً، وحصر المعنى فيما استند إلى أصل، والاقتصار على اتباع كل معنى له أصل، وهو رأي الباقِلّاني وطائفة من المتكلمين؛ وقبولُه وإن لم يستند إلى أصل، بشرط قربه من معاني الأصول الثابتة وقواعد الشرع الكلية، وهو رأي الشافعي وأكثر الحنفية؛ واعتماده مطلقاً، قَرُب من موارد النص أو بعُدَ إذا لم يصدَّ عنه أصل من الأصول الثلاثة. وهو مذهب مالك. الجويني. البرهان: ٢/ ١١١٤ - ١١٣١؛ الإسنوي. شرح المنهاج: ٣/ ١٣٥. فهو أول من اعتمد المصلحة المرسلة واشتهر بها. قال الشاطبي في التنويه بذلك: بخلاف قسم العادات الذي هو جار على المعنى المناسب الظاهر للعقول فإنه استرسل فيه استرسال المدل العريق في فهم المعاني المصلحية، نعم مع مراعاة مقصود الشارع أن لا يخرج عنه، ولا يناقض أصلاً من أصوله. الشاطبي. الاعتصام: ٢/ ١٣٢ - ١٣٣. =

<<  <  ج: ص:  >  >>