للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكليات الشرعية الضرورية، وألحقوا بها الحاجيّة والتحسينيّة،


= والوجه العملي في المصالح المرسلة يقوم على اعتبار أمور ثلاثة: أحدها: الملاءمة لمقاصد الشرع، بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله ولا دليلاً من دلائله. الثاني: أن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل منها وجرى على دون المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول، فلا مدخل لها في التعبدات، ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية. الثالث: أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري ورفع حرج لازم في الدين. وأيضاً مرجعها إلى حفظ الضروري من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" فهي إذن من الوسائل لا من المقاصد. ورجوعها إلى رفع الحرج راجع إلى باب التخفيف لا إلى التشديد. الاعتصام: ٢/ ١٢٩ - ١٣٣. وقد ذكر الشاطبي في هذا الكتاب أمثلة عشرة للاستدلال أو للمصالح المرسلة. انظر: ٢/ ١١٥ - ١٢٩.
وتعليقاً على مثل هذا الكلام قال الشيخ محمد الخضر حسين بهامش كتاب الموافقات في هذا الغرض: إنها مصلحة يتلقّاها العقل بالقبول، ولا يشهد لها أصل خاص من الشريعة بإلغائها أو اعتبارها، وإن مالكاً يتمسك بها على شرط التئامها بالمصالح التي تشهد بها الأصول. محمد سلام مدكور. مناهج الاجتهاد: ١/ ٢٩٢.
وفيما رواه الإمام مالك في اعتبار المصلحة المرسلة والأخذ بها خلافُ الضحاك بن خليفة مع محمد بن مسلمة، وقضاء عمر فيه. انظر: ٣٦ كتاب الأقضية، ٢٦ باب القضاء في المرفق، ح ٣٣. طَ: ٢/ ٧٤٦. وكذا قول مالك بضرب المتّهم بالسرقة حتى يقرّ إن كان ممن ثبتت عليه السرقة من قبل بالبينة. الحجوي. الفكر السامي (٢): ١/ ٩٨.
واعتبرت المالكية المصالح المرسلة من جملة المخصّصات. قال مالك في المرأة إذا كانت شريفة القدر: لا يلزمها إرضاع ولدها إن قَبِل ثديَ غيرها، لمصلحة المحافظة على جمالها جرياً على عادة العرب. حكى ذلك ابن العربي في ذيل المسألة السادسة، في تفسير قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ}. الأحكام: ١/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>