للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَمُّوا الجميع بالمناسب، وهو مقرر في مسالك العلة من علم أصول الفقه (١). وفي هذا النحو هرع أهلُ الرأي إلى إعمال الرأي والاستحسان. فقامت في وجوههم ضجة علماء الأثر الذين اطلعوا على أدلة من الأثرِ والعملِ، فيها أحكامُ الأحوال والحوادث التي فاتت أهلَ الرأي معرفتُها، كما أنكر مالك على شُريح قولَه بعدم صحة الحُبس (٢). وقامت أيضاً ضجّة العلماء الجامعين بين الأثر والنظر فيما أَلْفَوه من أقوال أهل الرأي مخالفاً لما دل عليه استقراءُ مقاصد الشريعة، كما أنكر مالك على القائلين من السلف بخيار المجلس في البيع. فقال في الموطأ: "وليس لهذا عندنا حدٌّ محدود ولا أمر معمول به [فيه] " (٣). وفسّره أصحابه بأنه أراد أن المجلس


(١) انظر الرازي. الفصل الثالث في بيان علّية الوصف بالمناسبة: المحصول، ٢/ ٣١٩ - ٣٤٤.
(٢) هو أبو أمية شريح بن الحرث بن قيس الكندي، المعروف بشريح القاضي بالكوفة ٧٨. ولي قضاء الكوفة أيام عمر وعثمان وعلي ومعاوية. وكان ثقة في الحديث، مأموناً في القضاء، ذا باع في الأدب والشعر. ابن العماد. الشذرات: ١/ ٨٥؛ ابن سعد. الطبقات: ٦/ ٩٠؛ الأصفهاني أبو نعيم. الحلية: ٤/ ١٣٢؛ الحجوي. الفكر السامي: ١/ ٢٥٥ - ٥٩. وقد عرف به المؤلف في كتابه بعد: ٥٠٦.
والمسألة ذكرها عياض. قال: قال عبد الملك بن الماجشون: سأل رجل من أهل العراق مالكاً عن صدقة الحُبسُ، فقال: إذا حيزت مضت. فقال العراقي: إن شريحاً قال: لا حَبس عن كتاب الله. فضحك مالك، وكان قليل الضحك. وقال: يرحم الله شُريحاً لم يدرِ ما صنع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنا. عياض. المدارك: ٢/ ١٢٠.
(٣) انظر تعقيب مالك: ٣١ كتاب البيوع، ٣٨ باب بيع الخيار، ح ٧٩ طَ: ٢/ ٦٧١. وأضاف ابن العربي في القبس أن المجلس مجهول المدة، ولو شرط الخيار مدة مجهولة لبطل إجماعاً. فكيف يثبت حكم بالشرع بما =

<<  <  ج: ص:  >  >>