للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتبه عليه قوله: "لا تمسّوه بطيب" بأنه لأجل الميت، وإنما هو لأجل الأحياء الذين معه، أو هي خصوصية. وعلّة الرّد أن ذلك مخالف لتواعد الشريعة، وليس لورود خبر آخر يعارضه، إذ لم يُرو غيرُ ذلك.

المثال السادس: أخرج مالك في الموطأ: "أن أبا حذيفة كان تبنّى سالماً وكان يرى أنه ابنه. فلما نزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (١) جاءت سَهلة بنت سُهيل زوجُ أبي حُذيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كنا نرى سالماً ولداً، وكان يدخل علي وأنا فُضُل (٢)، وليس لنا إلّا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه خمس رضعات، فيحرم بلبنها" (٣). وكانت تراه ابناً من الرضاعة. فأخذت بذلك عائشة [أم المؤمنين] فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال. [فكانت] تأمر أختها [أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبّت أن يدخل عليها من الرجال] (٤). وأبى سائرُ أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل عليهن بتلك


(١) الأحزاب: ٥.
(٢) فُضُل، بضمتين: وصف يستوي فيه الواحد وغيره والمذكر وغيره، معناه في ثوب واحد هو ما يفضل من الثياب بعد نزع أكثرها. قال امرؤ القيس [البيت ٢٦ من المعلقة].
فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل
[ابن النحاس. شرح المعلقات: ١٨].
اهـ. تعليق ابن عاشور.
(٣) انظر ٣٠ كتاب الرضاع، ٢ باب ما جاء في الرضاعة بعد الكبر، ح ١٢ طَ: ٢/ ٦٠٥ - ٦٠٦؛ ١٧ كتاب الرضاعة، ٧ باب رضاعة الكبير، ح ٢٦ - ٣١ مَ: ٢/ ١٠٧٦ - ١٠٧٨.
(٤) وكان ما رأته عائشة في ذلك شذوذاً لم يأخذ به أحد من الصحابة سوى =

<<  <  ج: ص:  >  >>