وثانيهما: ما ليس من باب تبليغ الرسالة، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر". ومنه الطب، ومنه باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالأدهم الأقرح" ومستنده التجربة؛ ومنه ما فعله - صلى الله عليه وسلم - على سبيل العادة وبحسب الاتفاق دون القصد؛ ومنه ما ذكره كما ذكره قومه كحديث أم زرع ... ؛ ومنه ما قصد به مصلحة جزئية يومئذ وليس من الأمور اللازمة لجميع الأمة ... ؛ ومنه حُكم وقضاء خاص. وإنما كان يتبع فيه البينات والأيمان ... ". الدهلوي. حجة الله البالغة: ١/ ١٢٨ - ١٢٩. وفي القرن الماضي جاء محمد رشيد رضا يتحدث عن الاتباع ويفسر قول الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}. "فتلك من اتّباع القرآن خاصة. وتصرّف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولاً وفعلاً وإقراراً. ولزم اتباعه فيما شرعه من الأحكام من تلقاء نفسه ... واتّباعه في اجتهاده واستنباطه من القرآن إذا كان تشريعاً ... ولا يدخل في اتّباعه فيما كان من أمور العادادت ... ". سورة المائدة: ٣٠ تفسير المنار: ٩/ ٣١٧. وفي هذا العصر تناول الموضوع ذاتَه - مثلَ مؤلف المقاصد - الشيخُ محمود شلتوت، حين "قسم السنة إلى ما كان منها للتشريع وما ليس للتشريع، وجعل ما كان منها للتشريع إما عاماً ودائماً، وإما ما ليس كذلك". انظر تفصيل هذه المقالات وما ترتب عليها أو تفرع عنها من مواقف لدى المعاصرين: القرضاوي. السنة مصدراً للمعرفة والحضارة. الجانب التشريعي في السنة النبوية: ١٣ - ٩٩. ندوة مآب عن السنة النبوية: ٢/ ٩٧٦ - ١٠٢٩.