للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نبّه أئمة أصول الفقه على أنّه إذا ورد في القرآن كلام خاص ثم تلاه لفظ يشمل ذلك الخاص وغيره لمناسبة، أن ذلك اللفظ لا يختص ببعض مدلوله لأجل السياق (١).

وأما الفاء فالظاهر أنها فاء الفصيحة لا فاء التفريع. والفصيحة هي الفاء التي تؤذن بشرط مقدر إذا وقعت بعد كلام يقصد به إثبات أمر مطلوب للمتكلم بعد التمهيد له بذكر مقدماته ودلائله. فيقع ما بعد الفاء موقعَ النتيجة من القياس.

والتقدير في الآية: إذا علمت ما بينّاه للناس من دلائل


= انظر حديث عمر. المقدمة، ٩ باب الإيمان، ح ٦٣. جَه: ١/ ٢٤، ٢٥. وإلى جانب ما ورد في هذا الحديث اعتبار الفطرة صفة للعقيدة وللدين جميعاً. وهذا ما عناه المؤلف في تفسيره حين قال: وكون الإسلام هو الفطرة، وملازمة أحكامه لمقتضيات الفطرة صفة اختص بها الإسلام من بين سائر الأديان في تفاريعه. أما أصوله فاشتركت فيها الأديان الإلهية. وهذا ما أفاده قوله: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} التوبة: ٣٦، فالإسلام عام خالد مناسب لجميع العصور وصالح لجميع الأمم. ولا يستتب ذلك إلا إذا بنيت أحكامه على أصول الفطرة الإنسانية ليكون صالحاً للناس كافة، وللعصور عامة. وقد اقتضى وصف الفطرة أن يكون الإسلام سمحاً يُسْراً، لأن السماحة واليسر مبتغى الفطرة. التحرير والتنوير: ٢١/ ٩٢.
(١) قال الشيخ ابن عاشور: أصل المسألة هنا هو ورود العام على سبب ظاهر. وهو الذي اعتنى به الأصوليون. وذكروا في صورته أنه إذا اقترن العام في سياقه بخصوص فإن ذلك لا يقضي على عموم اللفظ بالتخصيص. وقال الآمدي: ولعل من هذا الباب قولهم: اتفق الجمهور على أنه إذا ورد لفظ عام، ولفظ خاص يدل على بعض ما يدل عليه العام، لا يكون الخاص مخصصاً للعام بجنس مدلول الخاص، ومخرجاً عنه ما سواه خلافاً لأبي ثور من أصحاب الشافعي. الآمدي. الأحكام، المسألة الثانية عشرة: ٢/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>