للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصالح المرجوحة محمود حسن. اتفق الحكماء على ذلك ... وإن اختُلف في بعض ذلك، فالغالب أن ذلك لأجل الاختلاف في التساوي أو الرجحان" (١).

وقال أيضاً في المثال الحادي والعشرين من أمثلة ما خالف القياس من المعاوضات: "ومن تتبع مقاصد الشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد حصل له من مجموع ذلك اعتقاد أو عرفان بأن هذه المصلحة لا يجوز إهمالها، وأن هذه المفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها نص ولا إجماع ولا قياس خاص. فإن فَهْمَ نفسِ الشرع يوجب ذلك. ومَثَلُ ذلك: من عاشر إنساناً من الفضلاء الحكماء العقلاء، وفهم ما يؤثره ويكرهه في كل ورد وصدر، ثم سنحت له مصلحة أو مفسدة لم يعرف قوله فيها، فإنه يعرف بمجموع ما عهده من طريقته وأَلِفه من عادته أنه يؤثر تلك المصلحة ويكره تلك المفسدة ... وهذا ظاهر في الخير الخالص والشر الخالص.

وإنما الإشكال إذا لم تفهم خير الخيرين وشر الشرين، أو تعرف ترجيح المصلحة على المفسدة، أو ترجيح المفسدة على المصلحة أو جهلنا المصلحة والمفسدة. ومن المصالح والمفاسد ما لا يعرفه إلّا كلُّ ذي فهم سليم وطبع مستقيم، يعرف بهما دِقَّ المصالح والمفاسد وجلَّهما وأرجحهما من مرجوحهما. ويتفاوت الناس في ذلك على قدر تفاوتهم فيما ذكرته. وقد يغفل الحاذق الأفضل عن بعض ما يطلع عليه [الأخرق] المفضول ولكنّه قليل" (٢) اهـ.


(١) نقل بتصرف قليل من الفصل الثالث فيما تعرف به المصالح والمفاسد وفي تفاوتهما. ابن عبد السلام. القواعد: ١/ ٥، ٦.
(٢) نقل بتصرف. ابن عبد السلام. القواعد: ٢/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>