للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدم في مقصد الفطرة ما يجب أن نتذكره هنا فَعُدْ إليه (١).

ويجب التنبه إلى أن المفسدة الراجحة على جانب المصلحة أو الخالصة نجدها متفاوتة في جنسها تفاوتاً بيّنًا، تنبئ عنه آثار الأفعال المشتملة على المفاسد في خَرم المقاصد الشرعية، والكليات الضرورية أو الحاجية أو بعض التحسينية القريبة من الحاجية. وتنبئ عنه أيضاً مقادير أثرها من الإضرار والإخلال في أحوال الأمة بكثرة ذلك وقِلَّته وانتشاره وانزوائه وطول مدته وقصرها مع اختلاف العصور والأحوال.

فالمنهيات كلها مشتملة على المفاسد. ومع ذلك فقد رتبتها الشريعة مراتب مجملة فصلها الفقهاء من بعد. فقد جاء في الشريعة ذكع الفواحش والكبائر واللمم: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (٢)، وجاء ذكر الإثم والبغي: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (٣)، وجاء وصفُ المنهيات بأن بعضها أكبرُ من بعض: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (٤). وفي أحاديث من الصحيح ذكرُ أكبر الكبائر (٥) أو ذكر جواب أي الذنب أعظم، مرتباً بعضها عقب بعض (٦).


(١) انظر ضابط حصول النفع والضر: ٢٠٦ - ٢١١.
(٢) النجم: ٣٢.
(٣) الأعراف: ٣٣.
(٤) البقرة: ٢١٧.
(٥) تقدم ذكره: ١٨٦/ ٢.
(٦) كحديث عبد الله قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الذنب أعظم عند الله؟ =

<<  <  ج: ص:  >  >>