للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر القرآن الفساد مطلقاً تارة، ومقيّداً بالكِبَر تارة فقال: {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (١)، وقال: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} (٢)، وقال: {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} (٣).

وباعتبار مقادير المفاسد جعل الصحابة عقوبة اللوطيَيْن - بصيغة التثنية - الرجم مساوية عقوبة الزاني المحصن، سواء كانا محصنين أم لم يكونا محصنين، لأنهم وجدوا مفسدة ذلك أشد، والعذر عن فاعله أبعد (٤).


= قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قال: قلت له: إن ذلك لعظيم. قال: قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قال: قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني حليلة جارك". انظر ١ كتاب الإيمان، ٣٧ باب كون الشرك أقبح الذنوب، وبيان أعظمها بعده، ح ١٤١، ١٤٢. مَ: ١/ ٩٠، ٩١. وهو بمعنى حديث أنس المذكور أعلاه: ١٨٦/ ٢.
(١) القصص: ٤.
(٢) البقرة: ١٢.
(٣) الفجر: ١٢. ليس وصف الإكثار من الفساد في هذه درجة دون الطغيان في البلاد، وما ارتكبه فرعون ذو الأوتاد. ف ١٢ تابعة لما قبلها ٩ - ١١. والفساد هو بمعنى الطغيان وهو شدة العصيان والظلم. وهو يجزئ صاحبه على دحض حقوق الناس. فهو من جهة يكون قدوة سوء لأمثاله وملئه. فكل واحد منهم يطغى على من دونه وذلك فساد عظيم. وهو من جهة أخرى بما يثيره من الحفائظ والضغائن في المطغي عليه ... فتتوزع قوة الأمة على أفرادها عوض أن تتحد على أعدائها، فتصبح للأمة أعداء في الخارج وأعداء في الداخل. وذلك يفضي إلى فساد عظيم. فلا جرم أن كان الطغيان سبباً لكثرة الفساد. ابن عاشور، التحرير والتنوير: ٣٠/ ٣٢١.
(٤) في إقامة الحد عليهما حديث عكرمة، يرويه الخمسة إلا النسائي. ونصه: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به". ورغم ما قيل في الحديث ورجاله فإن الصحابة اتخذوا منهما موقفاً. =

<<  <  ج: ص:  >  >>