للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقاء الرسول بقاء الأمة جمعاء، وليس بقاء طلحة كذلك. وقد عَلم [أبو] طلحة ذلك فكان يقول للرسول عليه الصلاة والسلام: "لا تشرف على القوم يصيبك سهم، نحري دون نحرك" (١).

ومن هنا يتضح لنا طريق النظر في المصالح المتعددة إذا لم يمكن تحصيل جميعها، وفي المفاسد المتعددة إذا لم يمكن درء جميعها. وقد بيّن عز الدين بن عبد السلام في كتاب القواعد أن تقديم أرجح المصلحتين هو الطريق الشرعي، وأن درء أرجح المفسدتين كذلك. فإذا حصل التساوي من جميع الوجوه فالحكم التخيير (٢).


= أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، ح ١٢. خَ: ٥/ ٣٣.
وفي ذلك قال يومئذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ظاهر يوم أُحُد بين درعين واحتمل طلحة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صعد الصخرة: "أوجب طلحة" حين صنع يوم أحد ما صنع وضرب الضربة في رأسه. وبعد موت صحبه الذين كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذودون عنه قال: أنا للمشركين قتّال. ومات شهيداً في وقعة الجمل، رماه مروان بن الحكم بسهم فأرداه. ابن حجر. الإصابة: ٢/ ٢٢٩؛ ابن عبد البر. الاستيعاب على هامشه: ٢/ ٢٢٠؛ ابن حجر. الفتح: ٧/ ٣٥٩، ٤٠٦٣.
وذكر المؤلف، بعد إشادته بموقف أبي محمد طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي هذا موقفاً يجري في نفس النسق. وذلك ببيان موقف أبي طلحة.
(١) نسب البخاري هذه المقالة لأبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري، وهو زوج أم أنس بن مالك. وكان كما ورد في حديثه مُجَوِّباً على النبي - صلى الله عليه وسلم - بحَجَفة له، وكان رامياً شديد النزع. ٦٤ كتاب المغازي، ١٨ باب إذ همت طائفتان، ح ١٣. خَ: ٥/ ٣٣؛ ابن حجر. الفتح: ٧/ ٣٦١، ٤٠٦٤.
(٢) نقل بتصرف. فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها. ابن عبد السلام. القواعد: ١/ ٨٨ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>