للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْبُرَ الحدود والغايات التي لاحظتْها الشريعة في أمثالها وأحوالها إثباتاً ورفعاً، واعتداداً ورفضاً، لتكون له دستوراً يُقتدَى، وإماماً يُحتذى (١)، إذ ليس له مطمع - عند عروض كل النوازل النازلة والنوائب العارضة - بأن يظفر لها بأصل مماثل في الشريعة المنصوصة ليقيس عليه، بله نصٍّ مقنع يفيء إليه. فإذا عَنَّتْ للأمة حاجةٌ وهرع الناس إليه يتطلّبون قوله الفصلَ فيما يُقدمون عليه وَجَدُوه ذكيَّ القلب صارم القول غير كسلان ولا متبلِّدٍ.

وتنقسم المصالح باعتبار آثارها في قوام أمر الأمة إلى ثلاثة أقسام: ضرورية، وحاجيَّة، وتحسينية.


(١) عبارة الغزالي - في الإشارة إلى أول هذه التقسيمات - أن المصلحة باعتبار قوتها في ذاتها تنقسم إلى ما هي في مرتبة الضرورات، وإلى ما هي في مرتبة الحاجيات، وإلى ما يتعلق بالتحسينات والتزيينات. المستصفى: ١/ ٨٢٦.
وقال الشاطبي: تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق. وهذه المقاصد: ضرورية وحاجية وتحسينية. الموافقات: (٣) ٢/ ٨.
وقد تتبع هذه المسالة د/ حسين حامد حسان. ولاحظ في بيان أهمية هذه التسمية أن من الأصوليين كالغزالي من يشترط في المصالح الحاجية والتحسينية الأصل المعين الذي يمكن القياس عليه إلا أن تجري هذه المصالح مجرى الضرورات، وأن منهم مثل الشاطبي من يحكم بمجرد المصالح الحاجية ويضعها مع المصالح الضرورية في رتبة واحدة. ولا يشترط في كل منهما الأصل المعين ما دامت شروط العمل بالمصلحة قد توافرت عنده. ثم ذكر الطوفي الذي لم ير في تقسيم المصلحة إلى ضرورية وحاجية وتحسينية فائدة، وألحق به بعض الكتاب المعاصرين الذي رأى رأيه أن كل مصلحة يؤخذ بها مجردة عن الأصل المعين دون فرق بين الأقسام الثلاثة. نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي: ٣١، ٣٢؛ البوطي. ضوابط المصلحة: ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>