للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنقسم باعتبار تعلّقها بعموم الأمة أو جماعاتها أو أفرادها إلى: كلية، وجزئية.

وتنقسم باعتبار تحقق الاحتياج إليها في قوام أمر الأمة أو الأفراد إلى: قطعيّة، أو ظنيّة، أو وهميّة (١).

فأما التقسيم الأول إلى: ضرورية، وحاجية، وتحسينية. فهذه ثلاثة أصناف:

فالمصالح الضرورية، هي التي تكون الأمةُ بمجموعها وآحادها في ضرورة إلى تحصيلها، بحيث لا يستقيم النظامُ باختلالها، بحيث إذا انخرمت تؤول حالة الأمة إلى فساد وتلاش. ولست أعني باختلال نظام الأمة هلاكَها واضمحلالها، لأن هذا قد سلمت منه أعرق الأمم في الوثنية والهمجية، ولكنَّي أعني به أن تصير أحوال الأمة شبيهة بأحوال الأنعام، بحيث لا تكون على الحالة التي أرادها الشارع منها. وقد يُفضي بعضُ ذلك الاختلال إلى الاضمحلال الآجل بتفاني بعضها ببعض، أو بتسلط العدو عليها إذا كانت بمرصد من الأمم المعادية لها أو الطامعة في استيلائها عليها. كما أوشكت حالة العرب في الجاهلية على ذلك مثلما قال زهير:

تداركتما عبساً وذبيان بعدما ... تفانوا ودقوا بينهم عِطرَ مَنشَم (٢)


(١) فرق بين هذا وبين الاعتبار الأول. فالوهمية لا يمكن أن تكون لا ضرورية ولا حاجية ولا تحسينية، بل هي ناشئة عن توهم المرء أن مصلحة الناس تقتضي مثلاً حلّية تعاملهم بالربا. فهذه مصلحة وهمية تناقض المصلحة الشرعية من كل الوجوه، كما تُعارض ما قضى به كتاب الله من ضرورة إغلاق باب الربا.
(٢) البيت من المعلقة. التبريزي: ١٣٦. ابن النحاس: ١/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>