للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقطعية هي التي دلت عليها أدلةٌ من قبيل النصّ الذي لا يحتمل تأويلاً نحو: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (١)، وما تظافرت الأدلّةُ الكثيرةُ عليها مما مُستَندُه استقراء الشريعة، مثل الكليات الضرورية المتقدمة. أو ما دل العقل على أن في تحصيله صلاحاً عظيماً، أو في حصول ضدّه ضر عظيم على الأمة، مثل قتال مانعي الزكاة في زمن أبي بكر (٢) رضي الله عنه في الضروري.

وأما الظنية فمنها ما اقتضى العقلُ ظنَّه، مثل اتخاذ كلاب


(١) آل عمران: ٩٧.
(٢) في هذا سنة ثابتة صريحة عن ابن عمر وأبي هريرة. قال عليه الصلاة والسلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإن فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله". ولما تمردت قبائل شتى من العرب بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أداء الزكاة. واجهها أبو بكر بموقفه الحازم وقال: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة" فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها لرسول الله لقاتلتهم على منعها. وخالفه عمر في ذلك في الأول ثم وافقه وقال: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
وفي المجموع: إذا منع واحد أو جمع الزكاة وامتنعوا بالقتال، وجب على الإمام قتالهم لما ذكره المصنف. وثبت في الصحيحين من رواية أبي هريرة أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا أولاً في قتال مانعي الزكاة. ورأى أبو بكر رضي الله عنه قتالهم واستدل عليهم. فلما ظهرت لهم الدلائل وافقوه فصار قتالهم مجمعاً عليه. النووي. المجموع: ٥/ ٣٣٤.
وفي قتال مانعي الزكاة جحوداً صونٌ للدين وحفاظ على أركان الشريعة جميعها، وضمانٌ لحقوق الفقراء والمساكين والفئات الضعيفة في المجتمع. القرضاوي. فقه الزكاة: ١/ ٧٨ - ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>