للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تقرّر عندك هذا علمتَ أن الأصل في الأحكام الشرعية كلها قبولُ القياس عليها، ما قامت منها معان ملحوظة للشارع. فيجب أن تكون أنواعُ الأحكام التي لا يجري في مثلها القياس قليلةً جداً. من أجل ذلك اختلف أئمة الفقه في جريان القياس في الحدود والكفارات والرُّخَص (١)، وفي الأسباب والشروط والموانع (٢). ومن أجل ذلك اتفقوا على امتناع القياس في إثبات أصول العبادات (٣).

وقد قاس أبو بكر وعمر رضي الله عنهما الجدة للأب على الجدة للأم في الميراث، فجعل أبو بكر السدس بينها وبين الجدة للأم.

ففي الموطأ: "جاءت الجدتان إلى أبي بكر. فأراد أن يجعل


(١) قال الشافعي: القياس يجري في الشرعيات حتى الحدود والكفارات لعموم الدلائل. ومنعه أبو حنيفة فيهما وفي الرخص والتقديرات لأنها لا يدرك المعنى فيها، ولأن التقديرات التي اشتملت عليها الحدود لا تعقل بالرأي. وأجيب بأنه يدرك في بعضها، وبأن عدم معقولية التقادير ابتداء مسلم ولا يضر. السبكي. جمع الجوامع. شرح البناني وتعليقات الشربيني: ٢/ ٢١٤؛ الأُسنوي. نهاية السول بحاشية محمد بخيت المطيعي: ٤/ ٣٥ وما بعدها.
(٢) دليل القائلين بالمنع فيها أن القياس فيها يخرجها عن أن تكون كذلك، إذ يكون المعنى المشترك بينها وبين المقيس عليها هو السبب والشرط والمانع، لا خصوص المقيس عليه أو المقيس. وأجيب بأن القياس لا يخرجها عما ذكر، والمعنى المشترك فيه كما هو علة لها يكون علة لما ترتب عليها. السبكي. جمع الجوامع: ٢/ ٢١٥ - ٢١٦.
(٣) نسب السبكي منع القياس في أصول العبادات إلى قوم. ودليلهم أن الدواعي تتوافر على نقل أصول العبادات وما يتعلق بها. والمراد من أصول العبادات أعظمها وأدخلها في التعبد كالصلاة بخلاف الكفارة. السبكي. جمع الجوامع: ٢/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>