للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبقاء على حرمة حكم المهر بقدر الإمكان على أحد تأويلين في معنى قوله: "بما معك من القرآن".

وأما ما كان من شريعة سابقة فلا نطيل القول في تأويله، إذ ليس بين أيدينا من بقية فروع تلك الشريعة ما يقنعنا في معرفة مقدار مخالفة الصورة الظاهرة المدعوة عندنا بالحيلة لبقية أحكام تلك الشريعة.

فقوله تعالى في قصة أيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (١) ورد تفسيره بأنه حلف أن يضرب امرأته ضربات. ولما ذهب غضبه أشفق عليها، أي وتوقَّف في برّ يمينه - فأمره الله بأن يضربها بضغث من عصي. فلعل ذلك شرع شرعه الله له، فيكون أحد وجهين في برّ الحالف بمثل تلك اليمين، كما شرع لنا في الإسلام الكفارة، أو لعل تلك رخصة رخّصها الله لنبيه فإن الله يحلّ لنبيه ما شاء، إذ كان معصوماً من أن يستخف بحرمة اسم الله تعالى.

وأما قوله: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} (٢) فنحن في غُنية عن الخوض فيه، لأن تلك حيلة على تحصيل أمر محبوب لا يوجد لمنعه شرع إلهي محترم. ألا ترى قوله: {فِي دِينِ الْمَلِكِ}، والملك هو فرعون. فإضافة الدين إليه إيماء إلى أنه ليس بدين إلهي.

كما استدلوا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "خذيها واشترطي لهم


= ١١١٤ تَ: ٣/ ٤٢١ - ٤٢٢؛ انظر ٩ كتاب النكاح، ١٧ باب صداق النساء، ١٨٨٩. جَه: ١/ ٦٠٨؛ انظر ١١ كتاب النكاح، ١٩ باب ما يجوز أن يكون مهراً، ح ٢٢٠٧. دَي: ٢/ ٤٦٣.
(١) ص: ٤٤.
(٢) يوسف: ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>