للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تلك الأبواب كلها مبطلةً للفوضى المتَبَّعة، وما ذلك إلا بالضبط والتحديد. ولذلك أمرت الشريعة بالمحافظة على حدودها، فلو صلى [المرءُ] الظّهر قبل الزوال بطلت صلاته.

وقد استَقْرَيْتُ من طرق الانضباط والتحديد في الشريعة ستَ وسائل:

الوسيلة الأولى: الانضباط بتمييز المواهي والمعاني تمييزاً لا يتقبل الاشتباه، بحيث تكون لكل ماهيةٍ خواصُّها وآثارُها المرتبةُ عليها، مثل طرق القرابة المبيّنة في أسباب الميراث، وفي تحريم من حُرّم نكاحه. فتعيَّنَ المصيرُ إليها دون ما لا ينضبط من مراتب المحبة والصداقة والنفع والتبنّي، ولذلك قال الله تعالى: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (١).

وقال: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} (٢). وقال: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (٣).

وفي الصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خطب أبا بكر ابنتَه عائشةَ، قال له أبو بكر: إنما أنا أخوك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنت أخي وهي حلال لي" (٤). ومن هذا نوط حُكم شرب الخمر بحصول


(١) النساء: ١١.
(٢) الأحزاب: ٤.
(٣) الأحزاب: ٣٧.
(٤) حديث عروة ولفظه: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب عائشة إلى أبي بكر. فقال له =

<<  <  ج: ص:  >  >>