للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسكار القليل من مثله دون كونه شرابَ عنب أو فضيخَ تمر (١).

وقولي: "لا يقبل الاشتباه" أردتُ به أن لا يقبل الاشتباه عند نظر الفقيه المتبصّر في خواص المواهي الشرعية، وإن كان قد يبدو لبعض الناس مشتبهاً في بعض المواهي المتقاربة الصفات كما قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢). فالبيع والربا قد يشتبهان في الأصل بكون كليهما معاملة مالية، مقصودة منها الربح، ولا سيما إذا كان في البيع تأجيل. وقد نبَّه الله تعالى بقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٣) إلى أنه ما أحلَّ أحدهما وحرّم الآخر إلَّا لأجل اختلاف المعنى والخواص. فالبيع معاملة من جانبين وببذل العوضين، والربا معاملة من جانب واحد هو جانب المسلِف لقصد سدّ حاجة المتسلّف. ومن آثار ذلك أن أبيح للمتعاوضين في البيع تطلب الأرباح ولم يُبَح للمتعاقدين في التسلّف تطلبُ الأرباح، بل إمَّا أن يعطي قصداً لسدّ الحاجة وإمَّا أن يمسك.

الوسيلة الثانية: مجرد تحقّق مسمّى الاسم، كنَوط الحد في الخمر بشرب جرعة من الخمر، لأنه لو نيط الحد بحصول الإسكار لاختلف دبيب السكر في العقول، فلم يكد ينضبط. فلا يتحقق حالُ حصول الحد إلا بعناء والتباس. ولو نيط بنهاية السكر وهو حد الإطباق لحصلت مفاسد جمة قبل حصول تلك النهاية. وكذلك نوطُ


= أبو بكر: إنما أنا أخوك. قال: "أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال". انظر ٦٧ كتاب النكاح، ١١ باب تزويج الصغار من الكبار. خَ: ٦/ ١٢٠.
(١) كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسكر كثيره فقليله حرام، وكل مسكر حرام". وقد تقدم تخريجه: ١٤٨/ ٣.
(٢) البقرة: ٢٧٥.
(٣) البقرة: ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>