للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تدعو إليه الحاجة. ولا يقف تحليلُ ذلك على الضرورات لأنه لو وقف عليها لأدى إلى ضعف العباد [واستيلاء أهل الكفر والعناد] على بلاد الإِسلام، ولانقطع الناس عن الحرف والصنائع التي تقوم بمصالح [الأنام]. ولا يُتبسط في هذه الأموال كما يُتبسط في المال الحلال بل يقتصر في ذلك على ما تمس إليه الحاجة [دون أكل الطيبات وشرب المستلذات ولبس الناعمات التي هي بمنزلة التتمات]. وصورة هذه المسألة أن يُجهل المستحِقون بحيث يتوقع أن نعرفهم في المستقبل. ولو يئسنا من معرفتهم لَمَا تصورت هذه المسألة, لأنه يصير - أي المال - حينئذ إلى المصالح العامة. وإنما جاز تناول ذلك قبل اليأس من معرفة المستحقين, لأن المصلحة العامة كالضرورة الخاصة. ولو دعت ضرورةٌ إلى غصب أموال الناس لجاز له (١) * ذلك، بل يجب عليه إذا خاف الهلاك لجوع أو حر أو برد. وإذا وجب هذا لإحياء نفس واحدة فما الظن بإحياء نفوس" (٢). وهذا مقام راعاه المجتهدون في تصاريف استنباطهم، ودنوا منه وابتعدوا. فقد تجد المجتهد الواحد يدنو منه ويبتعد في مختلف أقواله بحسب تعارض الأدلة وغير ذلك.


(١) * الضمير راجع إلى المكلف المفهوم من المقام. اهـ. تع ابن عاشور.
(٢) ابن عبد السلام. قواعد الأحكام، المثال الحادي والعشرون: ٢/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>