للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخشى أن لا يُغنِيَ فيها الوازع الديني الغَناء المرغوبَ فتصبغها بصبغة الأمور الجبلية، كما فعلت في تحريم الصهر لتُلحق الصهر بالنسب في جعل الوازع عن الزنا فيه كالجبلي. فألحقت أبوي الزوجين بالأبوين في قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} (١).

قال فخر الدين: "من تزوج امرأة، فلو لم يدخل على المرأة أبو الرجل وابنُه، ولم تدخل على الرجل أمُّ المرأة وابنتُها, لبقيت المرأة كالمحبوسة في البيت، ولتعطل على الزوج والزوجة أكثر المصالح. ولو أذنا في هذا الدخول ولم نحكم بالمحرمية فربما امتدت أعينُ البعض إلى البعض وحصل الميلُ [والرغبة]. وعند حصول التزوج بأمها أو ابنتها تحصل النفرةُ الشديدة بينهن، ولأن صدور الإيذاء عن الأقارب أقوى وقعاً وأشدُّ إيلاماً وتأثيراً، [وعند حصول النفرة الشديدة] (٢) * يحصل التطليق والفراق. أما إذا حصلت المحرمية [وانحبست الشهوة] فقد انقطعت الأطماع فلا يحصل ذلك الضرر فيبقى النكاح بين الزوجين سليماً من المفسدة. فثبت أن المقصود من حكم الشرع بهذه المحرمية السعيُ في تقرير الاتصال الحاصل بين الزوجين" (٣) اهـ.

وقد يزاد على ما ذكره الفخر أن الشارع قصد قلب ذريعة الزنا


(١) النساء: ٢٣.
(٢) * يشير إلى قولة طرفة: [من معلقته، البيت: الخامس والسبعون].
وظلم ذوى القربى أشد مضاضة ... على المرء من وقع الحسام المهند
اهـ. (تع ابن عاشور).
[انظر التبريزي: ١١٥].
(٣) الرازي. التفسير الكبير، بيان المقام الأول من الحجة الرابعة: ١٠/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>