للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: ما رأيت خيراً من أصحاب محمَّد. ما سألوه إلَّا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض، كلها في القرآن: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} - {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} ونحوهما (١).

وللحذر من أن يكثر تقوُّل الناس على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، أو أن يستند كثير من المتفقهين إلى تصرفاتٍ صدرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جزئيات، أو إلى أقوال أُثرتْ عنه غير مؤداةٍ كما صدرت منه، أو غير مبين فيها الحال الذي صدرت فيه، من أجل ذلك ما حكى ابن العربي في العواصم: "كان عمر لا يمكّن الناس أن يقولوا قال رسول الله، ولا يذيعوا أحاديث النبي حتى يُحتاج إليها وإن درست (٢). وهذا لحكمة بديعة، وهي أن الله قد بين المحرّمات والمفروضات في كتابه. وقال تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (٣). وقد اتفقت الصحابة على جمع


= [تقدم تخريجه: ٢٧٠/ ٢، ٢٧٧/ ١، ٣٠٣/ ٣].
(١) في الجامع لأحكام القرآن ذكر الأثر المنسوب لابن عباس. رواه جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه. قال: "ما رأيت قوماً خيراً من أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة كلهن في القرآن: يسألونك عن المحيض، يسألونك عن الشهر الحرام، يسألونك عن اليتامى، ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم". والثلاث عشرة مسألة الواردة في القرآن ست منها في البقرة. الآيات: ١٨٩, ٢١٥، ٢١٧، ٢١٩، ٢٢٠، ٢٢٢. والمسائل الباقية منثورة في المائدة: ٤، والأعراف: ١٨٧، والأنفال: ١، والإسراء: ٨٥، والكهف: ٨٣، وطه: ١٠٥، والنازعات: ٤٤. وقد عقَّب ابن عبد البر على هذا الأثر بقوله: ليس في الحديث من الثلاث عشرة مسألة إلا ثلاث. القرطبي: ٣/ ٤٠.
(٢) ابن العربي. العواصم من القواصم: ٢/ ٧٤.
(٣) المائدة: ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>